د. ياسين سعيد نعمان

د. ياسين سعيد نعمان

تابعنى على

التكوين السياسي عندما يتحول إلى عصبية

منذ 3 ساعات و 5 دقائق

كلما بدا أننا أخذنا نسجل خطوةَ نجاحٍ على طريق تعبئة الجهد الوطني لإعادة البلاد إلى المسار الذي يستعيد فيه حريته وسيادته وكرامة أبنائه، نطت العصبيات من مخابئها حاملة ذلك الميراث السياسي الانقسامي التصادمي لتلوح به في وجه البشارة، وتعيد فرز الناس بطريقة تسيء إلى دماء الشهداء الذين سقطوا في ساحات المواجهة من أجل استعادة الدولة دون أن تفرق هذه الساحات بين موالٍ قديم انخرط في مسار سياسي كفاحي أوسع مدى من ولائه السابق، ومعارضٍ تبدلت اختياراته وتغيرت أهدافه، وباتت أصالته كمعارض قديم تقاس بموقفه اليوم من مستجدات الحاجة الوطنية. 

هذا هو النموذج الوطني المستولد من رحم الحاجة الوطنية في اللحظة التاريخ التي بات فيها اليمن مهددًا في وجوده وتاريخه وأصالته بمشروع سلالي كريه راح يدمر بنيانه لبنة لبنة، ويخرب أساسه الثقافي والإنساني والقومي باستحداثات غريبة دخيلة ليسلبه انتماءه الذي يشكل مكمن عزته وكرامته. 

هذه العصبيات تعودت أن تعترض كل خطوةِ نجاحٍ على هذا الطريق بوسائل مراوغة، وهي بهذا تمارس الوظيفة السلبية لها حينما يتصدرها مستخدمون تضيق صدورهم بالوطن، على اتساعه، لماذا؟ لأن هؤلاء المستخدمين للعصبية لا يرون أنفسهم حاضرين في المشهد إلا فيما يصدر عن العصبية من مطالب ونفاق ومصالح وتظلمات وشتائم للغير. 

لا يمكن للقوى التي تدعي أنها تواجه المشروع السلالي الطائفي أن تنخرط بفعالية في المسار الكفاحي ضد هذا المشروع دون أن تعيد إنتاج نفسها في إطار منظومة الدولة التي تكتسب شرعيتها في الأساس من مواصلة السير في هذا الطريق الكفاحي الموصل إلى أهدافه الوطنية الكبرى.

إن التكوين السياسي يتحول إلى عصبية حينما يتخلى عن برنامجه السياسي ويبدأ في الاعتماد على موروث وتاريخ من الصراع والدم والمصالح والولاءات والنفاق.. من هنا فإنه يخرج من دائرة الفعل السياسي الرشيد المنتج للحل الوطني إلى التكوين العصبوي المنتج للإشكاليات المعيقة باستمرار لبناء الأوطان.

*من صفحة الكاتب على الفيسبوك