الكبتاغون من سوريا إلى اليمن.. تجارة المخدرات تموّل إرهاب الحوثي وتهدد أمن الإقليم

الحوثي تحت المجهر - منذ 6 ساعات و 28 دقيقة
عدن، نيوزيمن:

في ظل الانهيار الأمني والسياسي الذي تعيشه المنطقة، بدأت تظهر ملامح تحول خطير في خارطة تجارة الكبتاغون بالشرق الأوسط، مع انتقال مركز الثقل من سوريا – التي شكّلت لعقود معقلًا لإنتاج هذا المخدر – إلى اليمن، وتحديدًا في مناطق سيطرة ميليشيا الحوثي المدعومة من إيران، التي لم تتردد في استثمار هذه التجارة غير المشروعة لتمويل عملياتها الإرهابية وتوسيع نفوذها العسكري والسياسي.

بحسب تقرير تحليلي نشرته مجلة ناشيونال إنترست وأعده الباحثان ناتالي إيكانو وبريدجيت تومي، فإن سقوط نظام بشار الأسد لم يُنهِ صناعة الكبتاغون، بل أعاد رسم خارطتها. فبينما فقد "ملك الكبتاغون" في دمشق سلطته، لم يختفِ المنتج، ولا العرض، ولا الطلب. بل وجد لاعبون جدد، وعلى رأسهم الحوثيون، فرصة سانحة لملء هذا الفراغ.

الميليشيا التي تمتلك سجلًا طويلًا في تجارة "القات"، انتقلت إلى مستوى أعلى من النشاط الإجرامي، ببدء تصنيع وتهريب الكبتاغون، مستخدمة الأراضي اليمنية كمنصة إنتاج وعبور، إلى الأسواق الخليجية، خاصة السعودية، حيث تتراوح أسعار الحبة الواحدة ما بين 6 إلى 27 دولارًا.

>> الكشف عن مصنع حوثي للمخدرات.. إيران تنقُل محور "الكبتاجون" من سوريا ولبنان إلى اليمن

خلال شهر يوليو الماضي، أعلنت الحكومة اليمنية الشرعية عن ضبط أكثر من 1.5 مليون حبة كبتاغون، مصدرها مناطق يسيطر عليها الحوثيون. وتشير تقارير أمنية إلى أن الجماعة باتت تمتلك خطوط إنتاج خاصة بها، بغطاء من الحرس الثوري الإيراني، وبحماية شبكات تهريب منظمة.

وأكد اللواء مطهر الشعيبي، مدير أمن العاصمة عدن، في يونيو الماضي، أن الحوثيين أقاموا مصنعًا لإنتاج الكبتاغون داخل مناطق نفوذهم، فيما أشار وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني إلى أن المشروع تم بتنسيق مباشر مع النظام الإيراني، في إطار استراتيجية تمويل بديلة تدعم عمليات الحوثي الهجومية، بما في ذلك استهداف المصالح الإقليمية والدولية.

>> الحوثيون وتجارة المخدرات.. اليمن من ساحة صراع إلى منصة تهريب عابر للحدود

تُشكل الحدود اليمنية السعودية الطويلة والمتداخلة، أحد أكبر عوامل الجذب لهذه التجارة. إذ تمكّن المهربين من الوصول إلى سوق استهلاكية ضخمة، بمردود مالي مرتفع، يُعاد ضخه في شراء الأسلحة والطائرات المسيّرة، وتمويل عمليات استهداف القواعد الأمريكية، والهجمات التي تنفذها الجماعة ضمن محور طهران ضد إسرائيل وحلفائها.

ووفقًا للمجلة، فإن هذه التجارة لا تهدد فقط الأمن المحلي، بل تندرج ضمن سياق دولي أوسع، إذ تم ضبط أكثر من 84 مليون حبة كبتاغون في إيطاليا عام 2020، وتسجيل محاولات تهريب أخرى من الشرق الأوسط إلى أوروبا وكندا والإمارات، ما يكشف مدى تشعب الشبكات الإجرامية العابرة للقارات.

مع انتقال معامل الكبتاغون إلى اليمن، دعت ناشيونال إنترست صُنّاع القرار في واشنطن إلى الانتباه إلى هذه التطورات الخطيرة. وأكدت أن تجارة الكبتاغون لم تنتهِ بخروج الأسد، بل تنتقل إلى أيدٍ جديدة – كالحوثيين – لا تقل خطرًا، بل تسعى لاستغلال العائدات المالية لتمويل الإرهاب وتهديد الاستقرار الإقليمي.

ورغم إعلان إدارة بايدن عن استراتيجية مشتركة لتفكيك شبكات الكبتاغون في سوريا، وفرض عقوبات جديدة في أكتوبر 2024، فإن التقرير يُحذر من أن الجهود تباطأت بسبب انشغال الإدارة الأمريكية بالحرب في غزة، ما سمح بظهور مراكز إنتاج جديدة في اليمن ولبنان.

وحذّر التقرير من أن غياب ردع أمريكي واضح سيتيح للحوثيين تثبيت أقدامهم في هذه التجارة، ما يحوّل اليمن إلى بؤرة إجرامية جديدة تهدد أمن الملاحة، واستقرار السعودية، وسلامة القوات الأمريكية في المنطقة.

ودعا إلى تعزيز العقوبات، وتوسيع نطاق استراتيجية "التعطيل والتفكيك" لتشمل اليمن، ومحاسبة كل من يشارك في إنتاج أو توزيع أو تمويل هذه الشبكات، سواء داخل إيران، أو في صفوف الجماعات الموالية لها، وعلى رأسها الحوثيون.

ما يجري في اليمن ليس مجرد نشاط تهريبي عابر، بل هو تحوّل إستراتيجي خطير لجماعة مسلحة تسعى لتمويل مشاريعها الإرهابية عبر تجارة المخدرات. واشنطن مطالبة بالتحرك، ليس فقط لحماية الخليج، بل لمنع وصول هذه الشبكات إلى الأراضي الأمريكية عبر بوابات أوروبا وشبكات الجريمة المنظمة.