ورقة ابتزاز لتغطية عرقلتها للسلام.. تلويح حوثي بإعادة إشعال الحرب داخليًا

السياسية - منذ 3 ساعات و 47 دقيقة
صنعاء، نيوزيمن، خاص:

تثبت الوقائع الميدانية والسياسية أن ميليشيا الحوثي المدعومة من إيران تلجأ، مع كل تضييق للخناق عليها أو كشف ممارساتها المعرقلة للسلام، إلى رفع ورقة التصعيد العسكري والتهديد بتفجير الوضع في الجبهات، في محاولة لابتزاز المجتمع الدولي والحكومة اليمنية وانتزاع مكاسب تفاوضية بالقوة. 

ويصف مراقبون هذا السلوك بأنه “تكتيك الابتزاز” الذي أصبح جزءًا أصيلًا من استراتيجية الجماعة للبقاء، حيث تستغل كل مناسبة أو ظرف لإعادة إشعال الحرب متى شعرت بتراجع أوراق الضغط لديها.

في جلسة مجلس الأمن الدولي الأخيرة، انتقد المبعوث الأممي إلى اليمن، هانس غروندبرغ، ما أسماه بـ"القرارات الأحادية والممارسات التصعيدية" التي تنفذها الميليشيا، محذرًا من أنها خطوات تعمّق الانقسامات وتقوض فرص إحلال السلام. وأشار غروندبرغ إلى إصدار الحوثيين عملات معدنية جديدة من فئة 50 ريالًا، وأوراق نقدية من فئة 200 ريال، بوصفها مثالًا على تلك القرارات التي تزيد الانقسام الاقتصادي وتنهك الأسر اليمنية وتقيد نشاط القطاع الخاص.

>> إحاطة غروندبرغ أمام مجلس الأمن تُثير غضب مليشيا الحوثي

كما أبدى المبعوث الأممي قلقه من التصعيد الحوثي في البحر الأحمر، مؤكدًا أن الهجمات على السفن المدنية والصاروخية على إسرائيل، وكذلك الردود الإسرائيلية على اليمن، تسببت في تدمير شبه كامل لمرافق موانئ الساحل الغربي، ما فرض ضغطًا هائلًا على البنية التحتية الحيوية. ودعا إلى وقف فوري لهذه الأعمال، مشيرًا إلى أن الاضطرابات البحرية لا تزال تقوّض أي مسار نحو تسوية سياسية شاملة.

وفي سياق متصل، أشاد غروندبرغ بعملية ضبط شحنة الأسلحة الإيرانية الأخيرة قبالة السواحل اليمنية من قبل القوات البحرية التابعة للمقاومة الوطنية، معتبرًا أنها خطوة مهمة في سياق الالتزام بقرارات مجلس الأمن الخاصة بحظر السلاح، ومؤشر على خطورة استمرار تدفق الدعم العسكري الإيراني للحوثيين.

بيان المبعوث أثار غضب مليشيات الحوثي التي خرجت عبر ما يسمى "وزارة الخارجية" تهاجم غروندبرغ وتعتبره منحازا للحكومة المعترف بها دوليا. وزعمت أن "إحاطة المبعوث غروندبرغ تدور في حلقة مفرغة وتبتعد عن الأسباب الجذرية للأزمة في اليمن"، مشيرة إلى أن سكها للعملات، استهدفت "حماية الاقتصاد" حد قولها.

كما زعمت أنها هجماتها على اسرائيل "تضامن مع غزة" وليس جزءاً من الصراع الداخلي، واتهمت المليشيات المبعوث بتنفيذ "أجندة الدول المعادية" وأن قرار "إعلان إنهاء عمله بات أمرا واردا"، حد قولها.

التعنت السياسي لم يكن بعيدًا عن التحرك ميدانيًا في محاولة منها لتخفيف الضغط والخناق المفروض على الجماعة بعد فضح مخططاتها ووقوفها وراء إفشال جهود السلام والتحركات الرامية للتخفيف من معاناة المواطنين وإنهاء الحرب العبثية التي تعيشها البلد منذ العام 2015.

وخلال الأيام الماضية، صعّدت ميليشيا الحوثي المدعومة من إيران عملياتها العسكرية، بفتح جبهات قتال جديدة على خطوط التماس في محافظتي الضالع ولحج، في مؤشر واضح على نواياها المبيتة لتفجير الأوضاع ميدانيًا. وأفادت مصادر عسكرية أن القوات الجنوبية أحبطت مخططًا هجوميًا حوثيًا شمال الضالع، حيث تم استهداف مجموعات قتالية كانت تتحضر لشن هجوم على قطاع باب غلق، لتتحول إلى أشلاء تحت نيران المقاتلين. 

وفي جبهة حمالة – كرش شمال لحج، تصدت القوات الجنوبية لمحاولة تسلل حوثية جديدة، وكبّدت المهاجمين خسائر بشرية، بعد أن أقدمت المليشيا على قصف القرى المجاورة لجبل الأحمر بالمدفعية وقذائف الهاون، ودفع العشرات من عناصرها نحو خطوط التماس دون أن تحقق أي تقدم. 

وتزامن هذا التصعيد مع رصد تحركات حوثية لتعزيز جبهاتها في محافظات مأرب وتعز، حيث دفعت المليشيا بتعزيزات عسكرية جديدة ووزعتها على مواقع مختلفة استعدادًا لشن هجمات متفرقة ومحاولات تسلل على مواقع الجيش والمناطق المحررة.

وكشف الصحفي المختص بمتابعة أنشطة الميليشيا، عدنان الجبرني، أن ما يسمى "المكتب الجهادي" لدى الحوثيين بدأ التعبئة العسكرية لمعركة داخلية، متزامنة مع ذكرى المولد النبوي بعد نحو ثلاثة أسابيع. وأكدت مصادر عسكرية أن الجماعة حشدت قواتها ومعداتها إلى عدة جبهات خلال الأسابيع الماضية، في إطار خطة ممنهجة لتوسيع رقعة المواجهات والسيطرة على مزيد من المناطق.

ويرى محللون أن استغلال الحوثيين للمناسبات الدينية، مثل المولد النبوي، لتبرير تحركاتهم العسكرية هو جزء من خطاب دعائي وطائفي يُستخدم لرفع معنويات عناصرهم وحشد الدعم الداخلي، فيما يهدف فعليًا إلى فرض السيطرة بالقوة واستنزاف قدرات الدولة والمجتمع.

ويحذر الخبراء من أن أي جولة تصعيد جديدة ستفاقم الأزمة الإنسانية وتؤدي إلى مزيد من الانهيار الاقتصادي، ما يضاعف معاناة ملايين اليمنيين الذين يواجهون أصلًا أزمات غذاء وخدمات متردية، ويضع جهود إعادة السلام وإعادة بناء مؤسسات الدولة أمام تحديات أصعب.