إغلاق بنك الرافدين العراقي في صنعاء.. تضييق مستمر لشبكات التمويل الحوثية
السياسية - منذ ساعتان و 21 دقيقة
أعلن بنك الرافدين العراقي إغلاق فرعه في صنعاء في أعقاب تحقيقات مكثفة وتحذيرات أمريكية بشأن تورط المصرف بتقديم تسهيلات مالية لصالح ميليشيا الحوثي الإرهابية المدعومة من إيران.
ويأتي هذا القرار في وقت يشهد فيه القطاع المالي العراقي اختبارًا دقيقًا للثقة الدولية، وسط ضغوط أمريكية متصاعدة على بغداد لضمان التزام مؤسساتها المصرفية بالمعايير العالمية لمكافحة تمويل الإرهاب.
وأوضحت مصادر مصرفية في صنعاء أن الإغلاق جاء نتيجة التحقيقات المكثفة التي أجرتها إدارة البنك خلال الفترة الماضية، والتي أكدت صحة المعلومات حول تقديم المصرف تسهيلات مالية للحوثيين. وبحسب المصادر، فإن الحكومة العراقية وجدت نفسها أمام اختبار دقيق بين حماية سمعة نظامها المالي والالتزام بالضغوط الدولية التي تفرضها واشنطن، بعدما وجّهت الولايات المتحدة اتهامات مباشرة للبنك بتسهيل تحويلات لصالح جماعة الحوثي.
وأكد مصدر مطلع أن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني أمر خلال الفترة الماضية بفتح تحقيق داخلي شامل للتأكد من صحة هذه الاتهامات، مع تشكيل لجنة تحقيقية ضمت ممثلين من الرقابة والتدقيق الداخلي والإدارة القانونية وقسم الامتثال المالي، وبإشراف البنك المركزي العراقي على جميع التحويلات المرتبطة بالفرع اليمني.
وأكد المصدر أن الهدف من التحقيق هو طمأنة الشركاء الدوليين بأن العراق لن يسمح باستخدام نظامه المالي لدعم الجماعات المسلحة أو الأنشطة المشبوهة.
اتهامات أمريكية
ويأتي تحرك العراق بعد سلسلة تقارير أمريكية أبرزها تصريحات النائب في الكونغرس جو ويلسون الذي اتهم بنك الرافدين بإدارة معاملات مالية لصالح الحوثيين، ملوحًا بتجميد التمويل الأمريكي عن بغداد إذا لم يتم معالجة الملف بجدية. كما نشرت شبكة "فوكس بيزنس" تقريرًا استند إلى محضر اجتماع بوزارة الخزانة الأمريكية في أبريل/نيسان الماضي، حضره وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، شدّد فيه المسؤولون الأمريكيون على ضرورة إغلاق أي نشاط مالي لفرع صنعاء ونقله إلى مدينة عدن.
وأشار التقرير إلى أن وزارة الخزانة الأمريكية أعربت عن قلقها من احتمال استخدام شبكات مالية عراقية لدعم الحوثيين، فيما شددت الخارجية الأمريكية على أن أي تعاملات مع الجماعة تمثل خرقًا مباشرًا لقرارات مجلس الأمن الدولي، وتضع بغداد في دائرة المساءلة الدولية. ورغم نفي السفارة العراقية في واشنطن المزاعم رسميًا، يرى محللون أن القضية تكشف حجم التحديات التي تواجه القطاع المصرفي العراقي في الامتثال للمعايير الدولية، وقد تهدد سمعة العراق المالية وعلاقاته مع المؤسسات الدولية.
وكان المصرف قد اتخذ إجراءات احترازية سابقة شملت إيقاف الحسابات المرتبطة برواتب بعض فصائل الحشد الشعبي ونقلها إلى مصرف آخر، إضافة إلى إدخال أنظمة تدقيق جديدة لتعزيز الامتثال، إلا أن فتح ملف الحوثيين يعرض هذه الإصلاحات لاختبار حقيقي وسط متابعة دقيقة من واشنطن.
خطوة إيجابية
من جانبها، اعتبرت الحكومة اليمنية أن إغلاق فرع بنك الرافدين في صنعاء يمثل خطوة إيجابية في سبيل تجفيف منابع تمويل ميليشيات الحوثي. وأكد وزير الإعلام والثقافة والسياحة، معمر الإرياني، أن القرار جاء نتيجة مباشرة للجهود الدولية لمواجهة تمويل الجماعة الإرهابية، والتي حولت المؤسسات المالية في مناطق سيطرتها إلى أدوات لنهب الأموال وتمويل أنشطتها العابرة للحدود.
وحذر الإرياني من محاولات الحوثيين الالتفاف على الإجراءات عبر إنشاء شبكات مالية موازية وشركات صرافة وهمية، واستخدام واجهات تجارية لتهريب الأموال وتبييض العائدات من نشاطات غير مشروعة تشمل تجارة الوقود والسلاح والمخدرات، إلى جانب الجبايات غير القانونية. ودعا الدول الشقيقة والصديقة والمؤسسات المالية الدولية لتعزيز الرقابة على حركة الأموال القادمة من وإلى مناطق سيطرة الحوثيين، وتوسيع دائرة العقوبات على الأفراد والكيانات المساندة لهم.
ويعد إغلاق فرع بنك الرافدين في صنعاء اختبارًا عمليًا للقدرة العراقية على حماية سمعة نظامها المالي الدولي، ومؤشرًا واضحًا على أن المجتمع الدولي، بقيادة الولايات المتحدة، يراقب عن كثب أي محاولة لاستغلال البنوك العراقية في دعم جماعات مسلحة في الخارج، لا سيما في اليمن.