سجون الإخوان العسكرية في تعز.. انتهاكات مستمرة وانعدام الرقابة

السياسية - منذ 5 ساعات و 58 دقيقة
تعز، نيوزيمن، خاص:

في ظل ظروف مأساوية، يعيش السجناء داخل المعتقلات والمعسكرات العسكرية التابعة لتنظيم الإخوان في محافظة تعز معاناة مستمرة تنتهك فيها أبسط حقوق الإنسان. المحتجزون المدنيون والعسكريون على حد سواء يُحبَسون لفترات طويلة دون أي سند قانوني، ويواجهون التعذيب النفسي والجسدي، والحرمان من الرعاية الصحية والغذائية، وسط غياب أي رقابة قضائية أو مؤسسية.

تؤكد مصادر حقوقية أن هذه المعتقلات السرية أصبحت أماكن لانتهاك الحقوق الأساسية، حيث يُستهدف المعتقلون لأسباب مختلفة تشمل الانتماءات الاجتماعية والسياسية، في بيئة تمثل تهديدًا للأمن والاستقرار المحليين وتقويض الثقة في المؤسسات الرسمية. ويبرز هذا الواقع الحاجة الماسة إلى تحرك عاجل وفاعل من الجهات الحقوقية والقضائية لضمان حماية المحتجزين.

ولا يعرف كم عدد المختطفين على وجه التحديد في هذه المعتقلات إلا أن معلومات حقوقية تؤكد وجود عشرات المخفيين قسرا بينهم أحداث وأطفال جراء اختطافهم على خلفية تهم كيدية أطلقتها قيادات عسكرية لها نفوذ كبير في المحور العسكري بالمحافظة، وتحت شماعات وتهمة كيدية وغير قانونية.

سجون خاصة 

يُعد سجن اللواء الرابع مشاة جبلي التابع لتنظيم الإخوان ويقوده القيادي الإخواني أبوبكر الجبولي أحد أبرز السجون الخاصة التي تعمل خارج أي رقابة قضائية أو مؤسساتية. وأكدت التقارير الحقوقية أن السجن يحتجز 16 مدنيًا منذ سنوات دون أي مسوغ قانوني، بينهم قُصّر، فيما يُمنع المحتجزون من التواصل مع ذويهم أو المحامين، ويُحتجزون في ظروف صحية وإنسانية بالغة السوء، بما في ذلك حرمانهم من الغذاء الكافي والرعاية الطبية الأساسية.

وأشارت المصادر إلى أن القيادي الجبولي رفض تنفيذ توجيهات النيابة العسكرية بنقل عدد من المحتجزين إلى السجون الرسمية في عدن أو تعز لاستكمال الإجراءات القانونية، على الرغم من صدور أوامر رسمية بهذا الشأن. وتؤكد الوثائق الرسمية للنيابة العسكرية أن المحتجزين كان من المقرر نقلهم إلى سجن المنصورة أو سجن فتح بعدن، إلا أن هذه التوجيهات قوبلت بالتجاهل، ما يعكس تحديًا صارخًا للسلطة القضائية وانتهاكًا للمعايير القانونية والحقوقية.

بحسب المصادر السجن يمارس أساليب تعسفية وتعذيب نفسي وجسدي للمحتجزين، تشمل منع الزيارات والتفتيش القسري، وإجبار المحتجزين على أعمال قسرية داخل المعسكرات، إضافة إلى فرض عقوبات جماعية على المحتجزين في حال أي محاولة للشكوى أو الاعتراض. وقد استمرت هذه الممارسات لفترات تجاوزت العامين، دون إحالة المحتجزين إلى القضاء أو محاكمتهم، ما جعل السجن أحد أبرز رموز الانتهاكات بحق المدنيين في تعز.

ويدير اللواء الربع مشاة جبلي ومحور طور الباحة الموالي للإخوان نحو 6 معتقلات غير قانونية منها معتقلات مؤقتة وأخرى سرية، ويقع أهم مراكز الاختطافات هذه بالقرب من موقع عسكري في بلدة "الكنب" على حدود مديريتي المقاطرة وطور الباحة بين تعز ولحج.

وفي السابع من أغسطس الماضي، وقّع سياسيون وصحفيون وناشطون من المجتمع المدني بيانًا طالبوا فيه النائب العام بالتدخل العاجل وإغلاق السجون الخاصة التي يديرها اللواء الرابع، معتبرين استمرارها خرقًا صارخًا للقانون وانتهاكًا فاضحًا لحقوق الإنسان، فيما ناشد وجهاء ومشايخ محليون القيادة السياسية والعسكرية العليا بإنهاء هذه الممارسات وحماية المدنيين.

تحرك حقوقي محدود 

وحول الإخوان المناطق الخاضعة لسيطرتهم إلى سجون سرية تزج فيها المدنيين والنشطاء المعارضين لأجندة حزب الإصلاح، الذراع السياسية للتنظيم، ومن شأن فتح هذا الملف أن يسلط الضوء على ضحايا عشرات السجون الإخوانية السرية في مدينة تعز، والمقاطرة وحتى مأرب، وفقا لمراقبين.

وفي خطوة حقوقية لافتة، شرعت اللجنة الوطنية للتحقيق في ادعاءات انتهاكات حقوق الإنسان بزيارات ميدانية إلى عدد من مراكز الاحتجاز التابعة للقوات الإخوانية في محافظة تعز، بهدف تقييم ظروف الاحتجاز والتأكد من مدى توافقها مع المعايير القانونية والإنسانية الدولية. واستمع أعضاء اللجنة خلال الزيارات إلى إفادات المحتجزين حول وضعهم القانوني وظروف احتجازهم، وسجلوا مطالبهم المتعلقة بالإفراج عنهم أو إدراج ملفاتهم ضمن عمليات التبادل المرتقبة بين الأطراف المتصارعة.

غير أن المراقبين يؤكدون أن تحرك اللجنة لا يزال مقتصرًا على السجون العسكرية الرسمية والمعروفة، بعيدًا عن السجون الخاصة داخل المعسكرات التي تديرها قيادات إخوانية. وتعتبر هذه الأخيرة بؤرًا لانتهاكات متواصلة، تشمل الاحتجاز التعسفي، والحرمان من الحقوق الأساسية، والتعذيب الجسدي والنفسي، ما يعكس فجوة واضحة في نطاق الرقابة والمتابعة.

وتشير التحليلات إلى أن استمرار هذه الفجوة يضعف فعالية الجهود الحقوقية ويمنح المسؤولين عن الانتهاكات فرصة لممارسة التعسف دون رادع، مؤكدين أن تعزيز الرقابة على كل مراكز الاحتجاز، الرسمية وغير الرسمية، وتوفير الرعاية الصحية والغذائية وفرض المساءلة القانونية على المسؤولين، يمثل ضرورة عاجلة لحماية كرامة المحتجزين. ويأتي هذا التحرك ضمن برنامج اللجنة لزيارة السجون والمراكز غير الرسمية في مختلف المحافظات، وتوثيق الانتهاكات تمهيدًا لإدراجها في تقاريرها الدورية أمام الجهات القضائية والحقوقية.

آمال في تحقيق العدالة

يترقب العشرات من أهالي المختطفين الكشف عن مصير ذويهم المعتقلين في السجون الإخوانية المنتشرة بين تعز ولحج، حيث وثّقت حالات وفاة لمعتقلين قضوا تحت التعذيب ولم تُسلم جثامينهم لعائلاتهم. ويصف ذوو المختطفين بدء القضاء بالتحقيق في هذا الملف الإنساني بأنه خطوة إيجابية، رغم تأخرها، معتبرين أن ذلك جاء استجابة لنداءات واستغاثات متكررة واحتجاجات ضغطت عليها الأمهات والذوي للمطالبة بالكشف عن مصير أبنائهم، والتي امتدت أحيانًا إلى إضرابات للمعتقلين عن الطعام داخل السجون، وفق أحد أقارب الضحايا.

وأكد الأهالي على ضرورة اتخاذ موقف حازم للقانون تجاه الاعتقالات التعسفية التي طالت عشرات المواطنين دون إذن مسبق أو علم النيابة المختصة، مطالبين بكشف مصير كل من قضوا تحت التعذيب وضمان عدم إفلات المتورطين في هذه الجرائم من العقاب، مهما امتلكوا من نفوذ وسطوة عسكرية أو أمنية.

ويشير الحقوقيون إلى أن المعتقلات الإخوانية في تعز أصبحت رمزًا لمعاناة المحتجزين وانتهاك حقوق الإنسان، ما يستدعي تحركًا عاجلًا من اللجنة الوطنية للتحقيق والجهات القضائية لضمان احترام القانون وحماية المحتجزين. ويرى المراقبون أن وضع حد لهذه الانتهاكات لا يقتصر على حماية حقوق الأفراد فحسب، بل يسهم أيضًا في تعزيز الثقة في مؤسسات الدولة واستقرار المحافظة على المدى الطويل، من خلال استعادة مصداقية الأجهزة القضائية والتنفيذية أمام المواطنين.