تقرير: أطفال اليمن يعانون الجوع قبل تعلم المشي
إقتصاد - منذ 3 ساعات و 15 دقيقة
عدن، نيوزيمن:
أكد تقرير دولي حديث أن مناطق سيطرة ميليشيا الحوثي المدعومة من إيران تواجه خطر مجاعة وشيكة، مع تدهور مستويات الأمن الغذائي وارتفاع معدلات سوء التغذية إلى مستويات قياسية، وسط توقف برامج الإغاثة وعرقلة وصول المساعدات الإنسانية.
وأوضح تقرير برنامج الأغذية العالمي (WFP) الصادر بالتعاون مع مؤشر الجوع العالمي لعام 2025، أن اليمن يقف اليوم على حافة أزمة إنسانية متفاقمة، مشيرًا إلى أن الأوضاع في مناطق الحوثيين تُعد الأخطر على مستوى البلاد، بعد أن علّقت عدد من المنظمات الدولية عملياتها هناك بسبب الاعتقالات المتكررة ونهب المساعدات وتقييد أنشطة موظفيها.
وأشار التقرير، الصادر في أكتوبر الماضي، إلى أن معدلات الجوع وسوء التغذية ارتفعت بصورة حادة خلال الأشهر الأخيرة، خصوصًا بين الأطفال دون العامين، محذرًا من أن البلاد قد تشهد موجة مجاعة غير مسبوقة إذا استمر غياب التمويل الإنساني وتفاقم القيود الأمنية والاقتصادية.
وبيّن التقرير أن 32.5% من الأطفال في اليمن يعانون من فقر غذائي شديد، فيما تصل النسبة إلى 36% في مناطق سيطرة الحوثيين، مقابل 29% في المناطق الخاضعة للحكومة الشرعية، ما يعكس تفاوتًا واضحًا في توزيع الغذاء والخدمات الأساسية. كما أظهرت بيانات الرصد الميداني أن 34% من الأطفال دون سن الخامسة أُصيبوا بالإسهال خلال سبتمبر 2025، نتيجة نقص المياه النظيفة وتدهور النظام الصحي، ما جعلهم أكثر عرضة لسوء التغذية الحاد.
وأضاف التقرير أن 61% من الأسر اليمنية غير قادرة على تأمين الحد الأدنى من احتياجاتها الغذائية اليومية، بينما اضطرت نصف الأسر تقريبًا إلى تقليص وجبات البالغين لصالح الأطفال. ووفقًا للتقرير، فإن النازحين داخليًا هم الفئة الأكثر تضررًا، إذ يعاني 42% منهم من مستويات جوع متوسطة إلى شديدة، مع تسجيل أعلى نسب الحرمان في مناطق الحوثيين (45%) مقارنة بمناطق الحكومة (33%).
ويربط التقرير بين تفاقم الأزمة الغذائية والاضطرابات الأمنية والانكماش الاقتصادي، مشيرًا إلى أن الهجمات الحوثية على موانئ البحر الأحمر تسببت في انخفاض الواردات الغذائية بنسبة 23% والواردات الوقائية بنسبة 26% خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2025. كما صنّف مؤشر السلام العالمي اليمن ضمن خمس دول هي الأقل سلامًا في العالم، ما يعكس تأثير النزاع على تدفق الإمدادات والأنشطة الاقتصادية.
ويؤكد التقرير أن انهيار المنظومة الإنسانية في مناطق الحوثيين بعد انسحاب عدد من المنظمات الإغاثية يمثل الخطر الأكبر على المدى القريب، خاصة في ظل غياب الشفافية في توزيع المساعدات واستمرار احتكارها من قبل الجماعة لأغراض سياسية وعسكرية.
من جانبه، دعا برنامج الأغذية العالمي المجتمع الدولي إلى تقديم دعم عاجل وغير مشروط للبرامج الإنسانية في اليمن، مشددًا على ضرورة ضمان حرية الوصول إلى جميع المحافظات دون قيود، وتحسين التنسيق مع السلطات المحلية لتجنب كارثة إنسانية جديدة تهدد حياة ملايين اليمنيين، معظمهم من النساء والأطفال.
ويحذر خبراء من أن الجوع في اليمن لم يعد نتيجة فقط للحرب، بل أداة تُستخدم لتكريس السيطرة السياسية، إذ تُوظف المساعدات في مناطق الحوثيين كوسيلة نفوذ وضغط، فيما يدفع المدنيون الثمن الأكبر.
وبينما تواصل المنظمات الدولية إصدار تحذيراتها، تبقى المأساة الإنسانية تتعمق يومًا بعد يوم في القرى والمدن اليمنية، حيث الجوع أصبح واقعًا يوميًا، والمجاعة تلوح في الأفق القريب، إن لم يتحرك العالم سريعًا لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.
>
