الإيرادات بعد العملة.. إصرار دولي على دعم الحكومة اقتصادياً بمواجهة ذراع إيران

السياسية - منذ 8 ساعات و 5 دقائق
عدن، نيوزيمن، تحليل خاص:

مع بروز مؤشرات محلية على عرقلة خطة الإصلاحات الاقتصادية والمالية للحكومة اليمنية، كشفت تقارير صحفية عن تهديدات دولية بفرض عقوبات صارمة على معرقلي الخطة.

وأجبرت الأزمة المالية الخانقة التي تعاني منها الحكومة، مجلس القيادة الرئاسي على إقرار خطة إصلاحات اقتصادية ومالية وإدارية شاملة تُلزم المحافظات بتوريد كامل الإيرادات إلى البنك المركزي في عدن.

وحظيت الخطة بدعم كامل من المجموعة الرباعية الدولية المعنية بملف اليمن (أمريكا، بريطانيا، السعودية، الإمارات) والجهات المانحة، بعد اشتراطات وضعوها أمام الحكومة بتطبيق إصلاحات مالية ومؤسسية شاملة قبل استئناف تقديم الدعم المالي والمساعدات لليمن المتوقفة منذ سنوات.

وتواجه الحكومة اليمنية أكبر أزمة مالية منذ بدء الحرب قبل 10 سنوات، جراء توقف عائدات النفط منذ أواخر عام 2022 جرّاء هجمات مليشيا الحوثي على موانئ التصدير، وتفاقمت الأزمة هذا العام مع توقف الدعم الخارجي وتأخر الدعم الذي أعلنت عنه السعودية لأكثر من شهرين.

ويؤكد ذلك التقرير الأخير الصادر عن البنك المركزي حول التطورات المالية، والذي أشار إلى وجود عجز في موازنة الحكومة بنسبة 53%، وفق بيانات التنفيذ الفعلي للموازنة العامة للدولة حتى نهاية أغسطس 2025.

وأوضح التقرير وجود عجز نقدي قدره 586.5 مليار ريال، حيث بلغت الإيرادات العامة 671.7 مليار ريال، في حين سجلت النفقات العامة نحو 1,258.2 مليار ريال.

وفي هذا السياق، كشفت وكالة "رويترز"، في تقرير لها الثلاثاء، عن مصادر حكومية أكدت أن الرباعية الدولية أبلغت رئاسة مجلس القيادة الرئاسي بأنها ستفرض عقوبات دولية مباشرة على أي مسؤول أو جهة تعرقل تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية، وفي مقدمتهم المحافظون الذين يمتنعون عن توريد الموارد إلى البنك المركزي.

وقالت المصادر إن المهلة المحددة لتوريد الإيرادات شارفت على الانتهاء، وإن أي تقاعس سيواجه بإجراءات عقابية تشمل تجميد الأصول، حظر السفر، إدراج الأسماء في قوائم سوداء دولية، ووقف أي تعاون مالي مع الجهات المخالفة.

هذا التهديد شديد اللهجة من قبل دول الرباعية يعكس إصراراً دولياً على دعم وتقوية الحكومة في الجانب الاقتصادي في مواجهة مليشيا الحوثي المدعومة من إيران، ضمن التغيير الكبير الذي طرأ على موقف المجتمع الدولي من ملف اليمن عقب التهديدات التي مارستها المليشيا بحق الملاحة الدولية طيلة العامين الماضيين.

وتجلى التغيير في الموقف الدولي اقتصادياً بالنجاح اللافت الذي حققته الحكومة والبنك المركزي مؤخراً في ملف العملة وضبط القطاع المصرفي في اليمن، وإنهاء سيطرة مليشيا الحوثي الإرهابية على هذا القطاع بعد عجز استمر طيلة السنوات العشر الماضية.

وجاء نجاح الحكومة والبنك كأحد تداعيات التصنيف الأمريكي لمليشيا الحوثي كمنظمة إرهابية أجنبية من قبل إدارة الرئيس ترامب مطلع العام الحالي، وهي خطوة مثلت ذروة الانقلاب في الموقف الدولي من الملف اليمني ومن مليشيا الحوثي تحديداً.

كما انعكس التغيير في موقف الدول الكبرى على مواقف المؤسسات الدولية، وخاصة المالية، والتي اتجهت مؤخراً إلى دعم الحكومة اليمنية وتقديم المساعدة لها، على عكس مواقف الحياد أو الضبابية التي كانت تطبع تعاملها مع الحرب التي تخوضها الشرعية ضد انقلاب مليشيا الحوثي.

ويمكن ملاحظة ذلك في "مشاورات المادة الرابعة" التي اختتمت مؤخراً بين صندوق النقد الدولي والحكومة اليمنية في العاصمة الأردنية عمّان بعد انقطاع دام أكثر من 11 سنة، حيث تُعد عودة هذه المشاورات تمهيداً لأي دعم مالي أو فني قد يُقدّم للحكومة.

>> النقد الدولي : تحصيل الإيرادات وترشيد النفقات وكبح التضخم أولويات لاستقرار الاقتصاد

ومثل البيان الختامي الصادر عن صندوق النقد عقب المشاورات أشبه بخارطة طريق اقتصادية وضعتها الدول الكبرى والمانحون، ويفتح المجال أمام الحكومة لتلقي الدعم والمساعدة الدولية في الجانب الاقتصادي.

ويتطابق ما ورد في هذه الخارطة أو في بيان صندوق النقد بشكل كبير مع خطة الإصلاحات الحكومية، وخاصة في ملف الإيرادات، وهو ما يفسر إصرار الرباعية على تنفيذ الخطة وإشهارها لسيف العقوبات على معرقليها.

ويأتي هذا الموقف مع بروز محاولات عرقلة للخطة الحكومية، كما حصل الأسبوع الماضي من جانب السلطات المحلية في محافظة المهرة في قضية الإيرادات الجمركية، قبل أن تتراجع سريعاً وتعلن التزامها بتنفيذ قرار مجلس القيادة الرئاسي الخاص بخطة الإصلاحات.