خارطة طريق وطنية من الجنوب.. تحرير الشمال وتعزيز الشرعية الواقعية

السياسية - منذ 5 ساعات و 10 دقائق
عدن، نيوزيمن، خاص:

في ضوء اللقاءات الأخيرة التي أجراها عضو مجلس القيادة الرئاسي ورئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، عيدروس قاسم الزُبيدي، برزت استراتيجية وطنية تؤكد على ضرورة توحيد الصف الوطني لمواجهة التحدي الرئيس المتمثل في ميليشيا الحوثي المدعومة من إيران الذي يُنظر إليها على أنها خطر وجودي على اليمن بأكمله، لا سيما في الجنوب والشمال. 

هذا التوجه الوطني ليست مجرد شعار سياسي، بل تمثل خيارًا استراتيجيًا يضمن نجاح أي معركة عسكرية وتحقيق استقرار دائم للبلاد. فمواجهة الحوثي تتطلب تنسيقًا كاملاً بين القوى السياسية، والعسكرية، والمجتمع المحلي، والمؤسسات الوطنية، لتشكيل جبهة متماسكة قادرة على كسر شوكة الميليشيا التي أصبحت تهديدًا إقليميًا وعالميًا.

والتحركات العسكرية الأخير التي التي نفذتها القوات الجنوبية في المحافظات الشرقية لم تكن مواجهة ضد الشرعية الوطنية، بل كانت ضد جماعة الإخوان المسلمين المتمردة التي تمثل تهديدًا داخليًا للشرعية وتعرقل توحيد الجهود الوطنية. وهذا ما أوضحه عضو مجلس القيادة الرئاسي ورئيس المجلس الانتقالي الجنوبي في التصريحات واللقاءات الآخيرة التي عقدها سواء مع وفد قيادة التحالف العربي بقيادة السعودية والإمارات الذي زار العاصمة عن قبل أيام للإطلاع على أخر المستجدات والتطورات على الساحة المحلية.

تحركات القوات الجنوبية أكدت  أن الشرعية الحقيقية تقاس بمن يمتلك الأرض والقوة والإرادة الصادقة، وليس من يدير معاركهم الافتراضية عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ما يعكس نوعًا من الانفصال بين الخطط الميدانية والأداء الإعلامي الافتراضي. هذا الفصل بين الأرض والفضاء الافتراضي يعكس رؤية واضحة حول أولوية القوة الفعلية على الكلام الإعلامي في إدارة المواجهة مع الميليشيات.

وشكل اللقاء مع محافظ محافظة البيضاء، اللواء الخضر السوادي محطة مهمة ضمن الاستراتيجية الوطنية، حيث تناول الزُبيدي موضوع أهمية تحرير البيضاء كخط استراتيجي رئيسي لكسر شوكة الحوثي وضمان أمن الشمال. وأكد أن محافظة البيضاء ليست مجرد منطقة عابرة، بل تمثل العمق الجغرافي والعسكري الذي يمكن من خلاله تعزيز الاستقرار في المناطق المحررة وتسهيل أي عمليات لاحقة نحو صنعاء.

كما شدد الزُبيدي على الأبعاد الإنسانية، مؤكدًا أن استمرار سيطرة الميليشيات على المحافظة أدى إلى تفاقم معاناة السكان المحليين، بما في ذلك التهجير، وانقطاع الخدمات الأساسية، ونقص الغذاء والدواء. ومن هذا المنطلق، دعا إلى تعزيز الدعم للقوات المحلية والمقاومة الشعبية لضمان تمكنهم من إدارة شؤون المحافظة بأمان واستعادة سلطاتهم المحلية، بما ينسجم مع رؤية التحرير الوطني الشامل.

في لقاء محوري آخر، التقى الزُبيدي رئيس مجلس النواب الشيخ سلطان البركاني بحضور قيادات عسكرية بارزة، بما في ذلك وزير الدفاع، لتأكيد تضافر المؤسسات الوطنية في إدارة المعركة الوطنية ضد الحوثي. وقد جاء اللقاء ليؤكد على ضرورة التنسيق الكامل بين مجلس النواب، القوات المسلحة، والمؤسسات التنفيذية لضمان استعادة المناطق الخاضعة للميليشيات بشكل منظم ومدروس، بعيدًا عن الفوضى أو القرارات الفردية.

كما أكد الزُبيدي على جاهزية القوات الجنوبية للعب دور رئيس في أي تحرك استراتيجي لتحرير الشمال، مؤكدًا أن تجربة الجنوب في إدارة المعركة الوطنية على الأرض تمثل نموذجًا يحتذى به لبقية القوى الوطنية. وقد أظهرت هذه اللقاءات رغبة واضحة في تشكيل غرفة عمليات مشتركة تتولى التخطيط والتنسيق بين مختلف المكونات الوطنية، بما يعزز فاعلية أي حملة عسكرية مستقبلية.

أكد الزُبيدي على أن الجنوب لم يعد مجرد منطقة دفاعية، بل أصبح في موقع القيادة للمعركة الوطنية. القوات الجنوبية أكملت مهامها في مناطقها، وتعتبر الآن الاحتياطي الاستراتيجي للقوى الوطنية الصادقة، أي القوى التي تمتلك الإرادة الحقيقية لتخليص اليمن من سيطرة الحوثي. 

هذا الموقف يعكس رؤية استراتيجية واضحة: الجنوب هو قاعدة الانطلاق نحو الشمال، ومركز اتخاذ القرار الميداني، بينما بعض القوى الأخرى لا تزال منشغلة بإدارة المعارك إعلاميًا على منصات التواصل الاجتماعي، بما يؤدي إلى تضليل الرأي العام وتأخير تحرير الأرض.

وأكد اللقاء أن تأمين الوادي كان ضرورة قصوى لمنع تدفق الأسلحة إلى الحوثيين، وليس استهداف أي طرف وطني آخر. هذه الخطوة الاستراتيجية تُظهر جدية الدولة ومؤسساتها في حماية الأراضي المحررة، وحرصها على منع أي محاولات لإضعاف الجيش الوطني أو القوى الموالية للتحرير. وقد ركز الزُبيدي على أن تحقيق الأمن الميداني يمثل حجر الأساس للشرعية الفعلية، ويجب أن يكون محور أي استراتيجية وطنية مستقبلية، بعيدًا عن الحسابات السياسية الضيقة أو الصراعات الإعلامية الافتراضية.

وتجسد التحركات الأخيرة للزبيدي ورسائل اللقاءات مع محافظ البيضاء ورئيس مجلس النواب رؤية استراتيجية واضحة تقوم على توحيد القوى الوطنية في مواجهة الحوثي؛ وتعزيز دور الجنوب كقوة قيادية ومركز استراتيجي للتحرير؛ وفصل الشرعية الفعلية عن الشرعية الإعلامية؛ وتأمين المناطق المحررة وحماية خطوط الإمداد؛ وتشكيل غرف عمليات مشتركة لتنسيق الخطط السياسية والعسكرية.

إن هذه التوجهات تؤكد أن الجنوب يمثل العمود الفقري للمعركة الوطنية، وأن الحلول الحقيقية لمواجهة الحوثي تعتمد على الإرادة الميدانية، والقدرة العسكرية، والتنسيق المؤسسي بين مختلف مكونات الدولة.