الحوثي والإخوان ومشهد ما بعد "سيئون".. "شرعية" المعركة و"وحدة" البندقية
السياسية - Tuesday 16 December 2025 الساعة 10:29 pm
عدن، نيوزيمن، خاص:
في خطوة هي الأبرز عقب الأحداث الأخيرة، شهدت العاصمة عدن، الاثنين، لقاءً هامًا بين عضو مجلس القيادة الرئاسي، ورئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، عيدروس الزُبيدي، ورئيس مجلس النواب، الشيخ سلطان البركاني.
اللقاء، الذي جرى بالقصر الرئاسي "معاشيق"، مثّل محطة سياسية هامة في المشهد داخل الشرعية، ما بعد الأحداث التي شهدتها مديريات وادي حضرموت ومحافظة المهرة، بسيطرة القوات المسلحة الجنوبية عليها.
تأثير ودلالات اللقاء على المشهد الراهن، عكسته ردود الأفعال الأولية من قبل وسائل الإعلام والنشطاء التابعين للقوى والأطراف على الساحة حول اللقاء، وعلى رأسها جماعة الإخوان، التي عكست ردود أفعال إعلامها وناشطيها غضب الجماعة من اللقاء.
الموقف الإخواني الغاضب، والذي تجلّى بالهجوم العنيف ضد شخص رئيس مجلس النواب، يُعكس انزعاج الجماعة والقوى الحليفة لها من الرسائل الحقيقية التي عكسها اللقاء، ودلالاته كتعبير عن حجم التغيير في المشهد داخل الشرعية.
فاللقاء، الذي أكد على حقائق المشهد الجديد، جمع رأس الهرم السياسي التنفيذي ممثلًا بالزُبيدي، مع رأس الهرم التشريعي ممثلًا بالبركاني، وبحضور رأس القيادة العسكرية ممثلًا بالفريق الركن محسن الداعري، وزير الدفاع.
وهو ما يُوصل رسالة واضحة بوقوف الدولة، بأهم مؤسساتها، مع التحركات الأخيرة التي قامت بها القوات المسلحة الجنوبية مؤخرًا في المهرة ووادي حضرموت، لقطع شريان تهريب الأسلحة لمليشيا الحوثي.
أي أن اللقاء قدّم توصيفًا حقيقيًا، وباسم الشرعية ومؤسساتها، لما حدث شرقًا، بعيدًا عن الرواية الإخوانية، وأن الأمر لم يكن صراعًا داخل الشرعية، بل ضمن المعركة الشاملة ضد مليشيا الحوثي، التي استهدفت في الأيام الماضية قطع شرايين الحياة عنها.
شرايين ظلت تنبض بالحياة للمليشيا الحوثية شرقًا طيلة سنوات الحرب، بفضل تواجد قوات عسكرية مسيطر عليها من قبل الإخوان، ومثّل الأمر واحدة من أبرز صور التخادم بين الطرفين، والذي أعاق معركة اليمنيين لاستعادة الدولة منذ 2015م.
وإلى جانب هذا التخادم، فقد مثّلت هذه القوات بالنسبة لجماعة الإخوان في اليمن آخر أوراق نفوذها على المشهد في المناطق المحررة، وهو ما يُفسر غضبهم الشديد من الأحداث الأخيرة.
حيث تدرك الجماعة بأن ما جرى جاء بتوافق شبه كلي داخل صفوف الشرعية، وبضوء أخضر إقليمي ودولي، ضمن توجه لإنهاء العبث في معسكر الشرعية، لتقويتها في وجه مليشيا الحوثي، التي باتت خطرًا إقليميًا ودوليًا، يتطلب إنهاءه بالحرب أو بالتسوية.
هذا التوجه أكده الزُبيدي في تصريحاته خلال لقائه، الأربعاء، بقصر معاشيق، محافظ البيضاء اللواء الخضر السوادي، حيث أعلن أن زمن المعارك الجانبية انتهى، مشددًا على أن يكون الهدف القادم صنعاء، سلمًا أو حربًا.
ولم يكتفِ الزُبيدي بذلك، بل أكد على جاهزية القوات المسلحة الجنوبية للمشاركة بفاعلية في أي عملية عسكرية لتحرير مناطق الشمال من سيطرة مليشيا الحوثي، في لقائه أمس الاثنين مع رئيس مجلس النواب.
هذه التصريحات والمواقف من قبل الزُبيدي تمثل فرصة وأملًا جديدًا لخوض معركة تحرير الشمال من قبضة مليشيا الحوثي، بالنظر إلى الواقع الجديد الذي بات فيه الجنوب يُشكل القوة العسكرية الضاربة حاليًا في المشهد، بمسرح عمليات موحد يمتد على أكثر من ثلثي مساحة البلاد.
هذا المشهد الجديد الذي يعيشه الجنوب اليوم يُقدم حقيقة جديدة، بأن الشرعية اليوم باتت شرعية الأرض وشرعية المعركة الموجهة نحو مليشيا الحوثي الإرهابية، والتنظيمات الإرهابية الأخرى.
وهي حقيقة تؤكدها المواقف الدولية والإقليمية التي صدرت عقب الأحداث الأخيرة، ولم تتضمن أي إدانة لتحركات القوات المسلحة الجنوبية، في تأييد وموافقة ضمنية لهذه التحركات وهدفها بتأمين المناطق الشرقية وقطع خطوط التهريب للمليشيا الحوثية.
كل هذه المواقف، من الداخل والخارج، ترسم صورة لطبيعة المرحلة الجديدة، ومشهد ما بعد أحداث "سيئون"، يُحصر فيه مفهوم "الشرعية" على أطراف المواجهة مع الحوثي، في "وحدة" للبندقية وللبوصلة نحو صنعاء.
>
