بين أمل الإفراج وكابوس الجثامين.. تصاعد مروّع لتصفية المختطفين في سجون الحوثي

السياسية - منذ 12 ساعة و 45 دقيقة
صنعاء، نيوزيمن، خاص:

تعيش آلاف الأسر اليمنية على وقع انتظارٍ قاسٍ، يختلط فيه الأمل بالخوف، وهي تترقب نتائج المشاورات الجارية في مسقط بين وفدي الحكومة اليمنية وميليشيا الحوثي، أملاً في الإفراج عن ذويهم المختطفين داخل السجون. 

غير أن هذا الانتظار الإنساني الثقيل يترافق مع تصاعد مقلق لحالات الوفاة والتصفية داخل سجون الحوثيين، ما يحوّل الترقب إلى كابوس حقيقي، تخشى فيه الأسر أن يكون مصير أحبّتها التسليم جثثًا بلا أرواح بعد سنوات من التعذيب الوحشي.

وفي أحدث هذه الوقائع، توفي المختطف علي محمد علي، أحد أبناء محافظة البيضاء، داخل السجن المركزي الخاضع لسيطرة ميليشيا الحوثي في العاصمة المختطفة صنعاء، بعد أكثر من سبع سنوات من الاحتجاز التعسفي دون محاكمة أو مسوغ قانوني.

وقالت مصادر حقوقية إن المختطف، وهو في العقد الثالث من عمره، تعرض لوعكة صحية شديدة خلال فترة احتجازه، أدت إلى تدهور حالته الصحية ووفاته، في ظل غياب الرعاية الطبية المتعمدة، وهو نمط متكرر وثقته تقارير دولية عديدة.

وأكدت المصادر أن هذه الحادثة ليست معزولة، بل تأتي ضمن سلسلة وفيات داخل السجون الحوثية، حيث يعاني المختطفون من أوضاع إنسانية كارثية تشمل التجويع، الإهمال الطبي، التعذيب الجسدي والنفسي، في انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني.

وقبل أيام فقط، توفي المواطن أكرم عايض التركي داخل سجن تابع لميليشيا الحوثي في مديرية ظليمة بمحافظة عمران، بعد أيام من اختطافه، وسط اتهامات مباشرة بتعذيبه حتى الموت. وأفادت مصادر محلية أن عناصر تابعة للمشرف الأمني في المديرية، المدعو أبو نصر عبدالله محمد جحاف، اختطفت التركي أثناء عودته ليلًا من مزرعته إلى منزله بذريعة "الاشتباه"، قبل إيداعه السجن.

وبحسب المصادر، أشرف القيادي الحوثي شخصيًا على عملية التحقيق، حيث تعرض الضحية لتعذيب شديد. وفي صباح 15 ديسمبر، تلقت الأسرة بلاغًا بالحضور لاستلام الجثمان، في مشهد صادم أكدت فيه مصادر مقربة من الأسرة وجود آثار حروق وكدمات وجروح واضحة على الجثة، ما يفنّد رواية الميليشيا التي ادعت "انتحاره" داخل السجن.

وأضافت المصادر أن قيادات حوثية حاولت إجبار الأسرة على الدفن السريع والتوقيع على تنازل، ورفضت فتح أي تحقيق، إلا أن الأسرة رفضت ذلك، ولا تزال الجثة محتجزة في أحد مستشفيات مدينة عمران.

وفي واقعة إنسانية مؤلمة أخرى، تفاجأت والدة الدكتور عمر أحمد عبدالله السامعي، المختطف منذ عام 2019، بوفاة نجلها داخل أحد السجون الحوثية في صنعاء. وبحسب المصادر، سافرت الأم من محافظة تعز إلى صنعاء بحثًا عن ابنها، متنقلة بين السجون والمشرفين الحوثيين على أمل رؤيته بعد سنوات من الإخفاء القسري، قبل أن تُنقل إلى مستشفى 48، حيث فُتحت أمامها ثلاجة الموتى لتكتشف وفاة ابنها.

ووفق التقرير الطبي الصادر عن المستشفى، فقد توفي الدكتور السامعي بتاريخ 11 يونيو 2020، فيما سقطت والدته مغشيًا عليها فور رؤية الجثمان ودخلت في غيبوبة نتيجة الصدمة النفسية الشديدة، في مشهد يلخص مأساة آلاف الأمهات اليمنيات.

وتكشف إحصائية حديثة صادرة عن الشبكة اليمنية للحقوق والحريات عن وفاة 476 مختطفًا داخل السجون الحوثية نتيجة التعذيب المفضي إلى الموت خلال سبع سنوات، بينهم 18 طفلًا و23 امرأة و25 مسنًا.

وأوضحت الشبكة، في تقريرها بمناسبة اليوم الدولي لمساندة ضحايا التعذيب أواخر يونيو الماضي، أن جماعة الحوثي اختطفت نحو 1937 شخصًا خلال الفترة من يناير 2018 حتى أبريل 2025، في 17 محافظة يمنية، بينهم أطفال ونساء وكبار سن.

وأشار التقرير إلى أن الجماعة تدير نحو 641 سجنًا في مناطق سيطرتها، بينها 273 سجنًا سريًا استُحدثت داخل مقار عسكرية ومؤسسات مدنية ومنازل خاصة، معتبرًا ذلك مؤشرًا خطيرًا على تدهور وضع حقوق الإنسان في اليمن.

وتؤكد منظمات دولية، بينها مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، والعفو الدولي وهيومن رايتس ووتش أن التعذيب والاحتجاز التعسفي والإخفاء القسري في اليمن، خصوصًا في مناطق سيطرة الحوثيين، ترقى إلى جرائم جسيمة تستوجب المساءلة الدولية.

كما وثّقت التقارير الدولية أنماط التعذيب الممنهج والوفيات داخل أماكن الاحتجاز، داعية إلى الإفراج الفوري عن جميع المحتجزين تعسفيًا، وضمان وصول المراقبين الدوليين إلى السجون.

وفي الوقت الذي تتواصل فيه المباحثات في مسقط حول ملف الأسرى والمختطفين، تحذر منظمات حقوقية من أن استمرار الصمت الدولي والتباطؤ في الضغط يمنح ميليشيا الحوثي غطاءً لمواصلة هذه الجرائم، ويحوّل ملف المختطفين إلى ورقة ابتزاز سياسي على حساب أرواح الأبرياء.

وقالت مصادر يمنية أن المشاورات بين وفدي الحكومة والحوثيين برعاية أممي في سلطنة عُمان مستمرة منذ أيام دون أي إعلان لنتائج أو تصريحات إيجابية تؤكد إحراز تقدم في هذا الملف الإنساني. 

وتجدد أسر الضحايا والناشطون الحقوقيون مطالبهم بالكشف الفوري عن مصير جميع المختطفين، ووقف التعذيب، والإفراج غير المشروط عنهم، محملين ميليشيا الحوثي المسؤولية الكاملة عن سلامة المحتجزين، ومطالبين المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته القانونية والإنسانية.