استعدادًا لـ"الحرب القادمة".. الحوثيون يرممون ترسانتهم ويغيرون خارطة انتشار السلاح
السياسية - منذ ساعتان و 12 دقيقة
صنعاء، نيوزيمن:
كشفت مصادر يمنية مطلعة عن تحركات وتجييشات واسعة تقودها ميليشيا الحوثي في مناطق متفرقة من اليمن، استعدادًا لما تصفه قيادات الجماعة بـ"المرحلة المقبلة من القتال"، وذلك عبر إعادة تأهيل بنيتها العسكرية، ونقل مخازن السلاح إلى مواقع جديدة أكثر تحصينًا واستراتيجية، بعد الضربات الجوية التي تلقّتها الجماعة خلال العامين الماضيين من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وإسرائيل.
وأكدت المصادر أن رئيس هيئة أركان الجماعة المعين حديثًا، يوسف المداني، يقود هذه الجهود ويشرف شخصيًا على تنفيذ خطة شاملة لإعادة بناء المنظومة العسكرية، تتضمن إنشاء منشآت عسكرية سرّية وبنى تحت أرضية في صنعاء ومحافظات إب وتعز والبيضاء.
وقالت المصادر إن هذه التحركات تهدف إلى تعزيز مرونة الحركة والمناورة ونشر القوات والأسلحة الاستراتيجية في مناطق وسط وغرب اليمن، بدلًا من حصرها في مناطق "شمال الشمال" التقليدية، وهو ما يُفترض أن يقلل من قابلية استهدافها المباشر في حال تكرار الضربات الجوية.
وأضافت أن خطة المداني تتضمن أيضًا تحويل جزء من الأنفاق والسراديب إلى ورش ومخابر سرّية لتصنيع وتجهيز الصواريخ والطائرات المسيّرة، في خطوة لتعويض الخسائر التي تكبّدتها الجماعة في قدراتها الجوية نتيجة الضربات الأخيرة على مخازنها ومواقعها.
وأشارت المصادر إلى أن القيادة العليا للحوثيين تولي اهتمامًا بالغًا بهذا المشروع، وخصصت له الجزء الأكبر من مواردها المالية والإيرادية، بعد تجميد وتمويلات معظم المشاريع المدنية والخدمية، ما يشير إلى أولوية المسار العسكري على حساب الوضع المعيشي والخدمات المجتمعية في المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعة.
منذ أواخر أكتوبر/تشرين الأول الماضي، تشهد المرتفعات والمناطق الجبلية بين محافظتي إب وتعز تحركات وإنشاءات عسكرية مكثفة تنفذها ميليشيا الحوثي، وسط إجراءات أمنية مشددة.
وأفاد سكان محليون بأن دوي انفجارات متكررة يُسمع في جبال مديريات السياني والسبرة وذي السفال جنوبي محافظة إب، في سياق عمليات الحفر والتوسعة لأعمال سرّية، مع منع المواطنين من الاقتراب حتى من أراضيهم الزراعية المجاورة.
وذكرت تقارير يمنية أن الجماعة استحدثت منصة صواريخ جديدة في جبل "المهلالة" بمديرية السياني، وهو ما عزز المخاوف لدى السكان من استخدام المنطقة كقاعدة لتخزين الأسلحة الثقيلة أو إطلاقها في النزاع المحتمل.
وفي محافظة تعز، تشهد جبال مديرية ماوية الشرقية نشاطًا عسكريًا متواصلاً، يتضمن شَقّ طرقات وإنشاء منظومات أنفاق جديدة في المرتفعات الجبلية، التي تبعد نحو 140 كيلومترًا عن مضيق باب المندب في البحر الأحمر.
وتعتبر هذه المواقع ذات أهمية استراتيجية بالغة، إذ تتيح للحوثيين التحكّم في الممرات المائية الدولية في حال اندلاع مواجهة عسكرية، وأيضًا مواقع لحماية أسلحتهم وتطوير نظم إطلاق بعيدة المدى.
وبحسب المصادر، تتضمن الخطة الحوثية إعادة توزيع الأسلحة الاستراتيجية في قواعد محصّنة منتشرة عبر مناطق مختلفة من البلاد، بهدف تقليل الاعتماد على المراكز التقليدية التي تعرضت لعدد من الضربات الجوية الأخيرة، بما في ذلك ضربات أمريكية وبريطانية وإسرائيلية.
ويرى مراقبون أن هذه الخطوة تمثل تصعيدًا نوعيًا في تكتيكات الحوثيين العسكرية، عبر تنويع مواقع تخزين الأسلحة والتحصينات، وربطها بمواقع يصعب الوصول إليها بسهولة، سواء من الناحية التضاريسية أو من حيث القرب من خطوط التماس أو الممرات الحيوية.
كما يشمل المشروع تحديث ورفع قدرات التحصينات الأرضية والأنفاق، إضافةً إلى بناء مرافق لدعم وحدات إلكترونية وتقنية مرتبطة بالصواريخ والطائرات المسيّرة، في محاولة لتعويض الخسائر التي تكبدتها الجماعة في قدرتها على إدارة الحروب التقنية والمعاصرة.
وتنبّه مصادر محلية إلى أن التحركات العسكرية الحثيثة تأتي على حساب القطاع المدني والخدمي في مناطق سيطرة الجماعة، في ظل تراجع تمويل المشاريع التنموية، ما يزيد من معاناة السكان من نقص الخدمات الأساسية وتقهقر الأوضاع الاقتصادية والمعيشية. وقال أحد المصادر إن الجماعة حوّلت موارد واسعة نحو تعزيز بنيتها العسكرية، وهو ما انعكس على تقلّص الدعم للقطاع الصحي والتعليم والبنية التحتية المحلية، في وقت يشهد اليمن أزمة إنسانية متفاقمة.
وتتصاعد التحذيرات الدولية من مخاطر تكثيف النشاط العسكري الحوثي، خاصة فيما يتعلق بتوسيع نطاق استخدام الطائرات المسيّرة والصواريخ الباليستية، التي سبق أن أثارت قلق المجتمع الدولي بشأن استقرار الملاحة في البحر الأحمر ومضيق باب المندب، والتهديد الأمني المتواصل في المنطقة.
ويتزامن التحشيد العسكري مع تقارير عن محاولات للتهدئة الدولية، إلا أن مصادر عسكرية تُعتبر قريبة من الجماعة ترى أن الخطة المدعومة من المداني تهدف إلى إظهار قوة ردع وجاهزية للحفاظ على مكاسبها الحالية في أي سيناريو مستقبلي.
>
