سمية الفقيه

سمية الفقيه

تابعنى على

خيانة بحجم مدينة.. أبناء تعز يعاقبونها

منذ 8 ساعات و 45 دقيقة

ما يحدث لتعز ليس قضاءً وقدرًا بقدر ما هو عقاب بأيدٍ من أبنائها، ممن نزعوا عن مدينتهم كل وشاح للوفاء والانتماء، وجعلوها حقلًا لتصفية حسابات سياسية وشخصية، فكانت النتيجة أن دفعت تعز الثمن من دمها، وكرامتها، ومائها، وحتى هوائها.

تعز التي كانت دومًا حاضنة للعلم والنضال، ومحرابًا للوطنية الخالصة، تُعاقب اليوم عقابًا جماعيًا، لأن أبناءها، رجالًا ونساءً، سطّروا أروع المواقف الوطنية في كل ميادين الحياة. تُعاقب لأنها ما انحنت يومًا، وما تراجعت عن ثوابتها، فكان أن تكالبت عليها كل القوى، القريبة منها قبل البعيدة، في مشهد لا يمكن وصفه إلا بأنه خيانة ذاتية بحجم الوطن.

والمُحزن في الأمر، بل والموجع، أن يكون هذا العقاب بسوط بعضٍ من أبنائها، أولئك الذين لم يعد لتعز في نفوسهم أي معنى، لا كأرض، ولا كهُوية، ولا كقيمة. 

استبدلوا الانتماء بالأطماع، واستبدلوا المسؤولية بالجباية، فصار همّهم الأكبر كيف يجمعون الثروات، ولو على حساب جثث الناس  وعطشهم وجوعهم.

لم يتعلموا شيئًا من تجارب الآخرين.. لم يتوقفوا أمام مشاهد التعافي المحلي في محافظات أخرى، حيث رأينا كيف يضع أبناء المحافظات الأخرى مصالح مناطقهم فوق كل اعتبار. 

انظروا إلى حضرموت، على سبيل المثال، وكيف استطاع أبناؤها، وفي مقدمتهم الشيخ بن حبريش، أن يفرضوا مصالح محافظتهم ويحموا ثرواتها، لا بشعارات فارغة، بل بأفعال حقيقية.

أما نحن في تعز، فلدينا الرئيس منا، ورئيس مجلس النواب منا، والوزراء منا، والمحافظ منا، وحتى السلطة المحلية ومدراء العموم منا.. ولكن ما النتيجة؟،

خذلان على كل صعيد..

تمثيل صوري لا يترجم إلى عمل، ولا ينقذ الناس من واقعهم البائس..

 بل على العكس، أوصلونا إلى أدنى مراتب المهانة، حتى أصبحنا نطارد الماء كما يُطارد السراب..

نقف في الطوابير من أجل شربة ماء، في مشهدٍ يُذلنا ولا يُحرك فيهم شعورًا بالعار أو الغضب.

تعز، اليوم لا تحتاج إلى خطاب عاطفي ولا إلى مزايدات سياسية، بل إلى وقفة صادقة من أبنائها الشرفاء..

تحتاج إلى من يُدرك أن السلطة تكليف لا تشريف، وأن من خان تعز تحت أي مبرر، فقد خان وطنًا بأكمله.

تعز لا تموت، ولكنها تتألم. وأسوأ أنواع الألم هو ذاك الذي يأتي من القريب، من ابنك، من أخيك، من ابن محافظتك، من أولئك الذين اختاروا أن يكونوا سيوفًا على عنقها بدلًا من أن يكونوا دروعًا لها.