عادل البرطي

عادل البرطي

تابعنى على

تعز: صلاح الوالي أم خصب الزمان؟

منذ 3 ساعات و 58 دقيقة

هذه المقولة كنت أشكّ فيها وأنها غير حقيقية؛ فكيف للحاكم المستقيم أن يكون أفضل من طَرَح الأرض وخصوبتها وازدهار التجارة ومعايشة الناس؟

لكن، وبفعل الأحداث والمتغيرات التي مرّت خلال السنوات الأخيرة على تعز، أصبحت هذه المقولة سرًّا من أسرار الكون وتسيير الأمور في تعز. فالمتابع للأحداث منذ عصورٍ ولَّت يرى أن تعز لم تكن مجرد بقعة جغرافية توسطت اليمن وقبلة لكل من حلَّ إنسانيتها، بل كانت مزرعةً خصبة للثوّار الأنقياء، الكاملين ثوريتهم.

ثم، وبعد نجاح سبتمبر وأكتوبر، تحوّلت محاصيلها الزراعية إلى طبقات من المثقفين والأطباء والمدرّسين والمهندسين، وكل مناحي الحياة؛ وزُعِّت غرساتها وأزاهيرها من مختلف المجالات إلى كل ذرة ترابٍ وطني في عموم اليمن شماله وجنوبه. فكانت محطَّ أنظار الحبّ، وزهرةَ غرام العلم، ومهبطَ آيات الثقافة؛ لأن من تعالَ على حكمها كانوا، رغم ما يحملون من فكرٍ منافي لفكرها، إلا أنهم أحبّوها واستوطنت قلوبهم قبل أن يستوطنوها. فحُبِلَت وتمخّضت فاستدام إنجابها: احترامٌ وعشقٌ جسّده التراب الوطني الشامل لها؛ أغاني وسيمفونيات في زبور التاريخ؛ وأسفار غادرت الرفوف وسكنت القلوب إلى ما بعد 2014م.

وهنا كانت الكارثة: في ارتكاب خطيئة آدم وزوجة حواء، فأعتلى كرسي حكمها جهلة وقطاع طرق وجرذان خرجت من مجارير القبح والإرهاب؛ دستورهم الكراهية، وسلطتهم الإرهاب، وديانتهم القتل، وتسبيحهم النهب والسرقة. جعلوا من الدين سلعةً، ومن الدم أدامًا، ومن أجساد أبنائها عيشًا وزادًا؛ فأُزيح لباسها من ثقافتها وأخذت تتوارى عن الأخلاق وترتدي لباسَ الجهل والتخلّف، لتنفجر منها دمامل العفن والحقد وتصل شظاياها إلى كل ركنٍ زرعت فيه غرسة محبة؛ لتُقتلع وتُزرع شوكًا ونارًا أحرقتها قبل أن تحرق من رُمِيَ بها.

لم تكن تعز — ونقولها صراحة ومكاشفة — بهذا السوء، ولا كره كل أرجاء الوطن لها، إلا بعد أن تولى هؤلاء الإرهابيون زمام حكمها وصدروا ما في نفوسهم من غِلّ وشرّ عبر مكائنهم الإعلامية إلى كل شبرٍ في الوطن لتنبذ تعز كفيروسٍ معدٍ موديًا للهلاك.

ولن نُغالِط أنفسنا؛ فهذا ما نجده فعلاً ممن كانوا يعشقون تعز وشعبها: ليس منهم بل بما كسبت أيدينا بعد أن أسقى الحاكم لها غلَّه وحقدَه للحياة، من يحكمهم ومن المحكوم إلى من حوله.

إليكِ يا تعز: أعيْدي حبَّ نفسكِ وتخلَّصي من خطيئتكِ لتعودي إلى أرائكِ المحبّة والمجد التي تربعْتِ عليها عصورًا. وليكن شهيدكِ وراحكِ هو الساقي للوطن كما كان في زمانٍ مضى.

#الارهاب_يقتل_تعز