الحديدة منكوبة بالألغام.. مأساة مدنية في ظل غياب تحرك البعثة الأممية
السياسية - منذ 4 ساعات و 3 دقائق
لا تزال ألغام مليشيا الحوثي تشكل تهديداً قاتلاً لحياة المدنيين الأبرياء، حيث تحصد الأرواح وتُصيب العائلات والجماعات المحلية بإصابات جسدية ونفسية خطيرة. هذه الألغام المزروعة بشكل عشوائي في الطرقات والأرياف تزيد من معاناة السكان، وتُفاقم من المخاطر اليومية التي يواجهونها، خاصة في المناطق التي تشهد موجات من السيول التي تُجلي المزيد من الألغام والعبوات غير المنفجرة إلى السطح، ما يهدد حياة الناس بشكل أكبر.
وفي حادث مأساوي جديد، أصيب الشاب يحيى خالد خبيتي (16 عاماً) ووالده بكسر في الساقين، وشظايا في الأطراف السفلية من جسديهما، نتيجة انفجار لغم زرعته مليشيا الحوثي في طريق فرعي بمنطقة المدمن غرب مديرية التحيتا بمحافظة الحديدة. الحادث وقع أثناء عودتهم على دراجة نارية إلى منزلهم في قرية الخبيته، حيث فجّر اللغم حياتهم في لحظة وجيزة، وسط صدمة وحزن عميقين في أوساط العائلة والمجتمع.
وتأتي هذه الحادثة لتسلط الضوء مجدداً على حجم المخاطر التي تواجهها قرى مثل الخبيته ومنطقة المدمن ووادي الناصري، حيث من المتوقع أن تجلي السيول المتفرعة عن وادي زبيد خلال الأيام القادمة المزيد من الألغام والأجسام غير المتفجرة، ما يزيد من الحاجة الماسة لتكثيف جهود نزع الألغام وتوعية السكان بخطورتها.
وتُعد محافظة الحديدة واحدة من أكثر المناطق اليمنية منزوعة السكون بسبب تراكم الألغام والعبوات الناسفة التي زرعتها مليشيات الحوثي بشكل ممنهج، مما حولها إلى منطقة منكوبة تعيش في ظل خطر داهم يهدد حياة السكان بشكل يومي. آلاف الألغام المنتشرة على الطرقات، في القرى، والوديان، والمزارع تحاصر المدنيين، وتفرض قيوداً مشددة على حرية التنقل والحياة الطبيعية، كما تعرقل جهود التنمية والإغاثة الإنسانية، ما يزيد من معاناة السكان الذين يعانون أصلاً من آثار النزاع المستمر.
رغم ما يفرضه الوضع الأمني من خطورة واضحة على حياة المدنيين، إلا أن ما يزيد الطين بلّة هو غياب أي تحرك فاعل من البعثة الأممية المكلفة بتنفيذ اتفاق ستوكهولم الخاص بالحديدة، والذي كان من المفترض أن يشمل إزالة الألغام وتأمين الطرق والمناطق المتضررة. هذا الجمود الأممي دفع بالمحافظة إلى أن تبقى في دوامة معاناة مستمرة، حيث تتكرر الحوادث المأساوية يومياً، ولا يجد الأهالي إلا الاعتماد على أنفسهم في مواجهة هذا الخطر القاتل.
غياب الرقابة الدولية والتقصير في تنفيذ بنود الاتفاق تسبب في تعزيز ممارسات المليشيات، التي استمرت في زراعة الألغام على نطاق واسع، مما جعل الحديدة واحدة من أكثر المناطق تلوثاً بالألغام في اليمن. هذه الألغام لا تقتل فقط، بل تُشلّ الحياة الاقتصادية والاجتماعية، وتُعيق وصول المساعدات الضرورية، الأمر الذي يفاقم الأزمة الإنسانية ويهدد استقرار المنطقة بأسرها.
في سياق مواجهة مخاطر الألغام والعبوات الناسفة التي تهدد حياة المدنيين في اليمن، أكد مشروع مسام (Masam) لتطهير الأراضي اليمنية من الألغام، أن فرق التطهير الميدانية نجحت في إزالة أكثر من ألف مادة متفجرة خلال الأسبوع الماضي فقط.
وقال المكتب الإعلامي للمشروع في بيان صحفي صدر الأحد، إن فرق الإزالة نزعت خلال الفترة من 2 إلى 8 أغسطس 2025 ما مجموعه 1,140 مادة متفجرة من مخلفات الحرب، شملت 1,090 ذخيرة غير منفجرة، و49 لغماً مضاداً للدبابات، بالإضافة إلى لغم واحد مضاد للأفراد. كما تم تطهير مساحة واسعة بلغت 235,169 متراً مربعاً خلال نفس الفترة.
وأشار البيان إلى أن إجمالي ما نزعه المشروع منذ بداية الشهر الحالي وصل إلى 2,024 مادة مميتة، منها 1,944 ذخيرة غير منفجرة، و77 لغماً مضاداً للدبابات، و3 ألغام مضادة للأفراد، مع تطهير مساحة إجمالية بلغت 398,337 متراً مربعاً.
وأوضح البيان أن مشروع مسام، منذ بدء عمله منتصف 2018 وحتى الآن، نجح في تحديد وتدمير نحو 510 آلاف قطعة متفجرة، وغطت عمليات التطهير أكثر من 69 مليون متر مربع من الأراضي ضمن نفوذ الحكومة المعترف بها دولياً، والتي كانت مفخخة بالألغام والمتفجرات من مخلفات الحرب.