قبائل أرحب ونهم تطويان صفحة الدم وتفشلان مخطط الحوثي بتأجيج الصراع

السياسية - Saturday 16 August 2025 الساعة 09:47 pm
صنعاء، نيوزيمن، خاص:

وسط أجواء مشحونة بالخوف من انزلاق الدم مجددًا إلى ساحات القرى، اختارت قبيلتا أرحب ونِهْم أن تكتبَا صفحة مختلفة في سجلّ الخلافات القبلية شمال صنعاء. لقاء تحكيم متبادل، جمع الشيوخ والوجهاء على أرض واحدة، نجح في إخماد فتيل نزاع كان يوشك أن يتحوّل إلى صراع طويل الأمد، ليعيد رسم صورة أخرى لسلطة العُرف حين تتقدّم على منطق السلاح

وقالت مصادر محلية إن قبيلة أرحب أعلنت إنهاء خلافها مع جارتها نِهْم عبر تحكيم متبادل، جاء بعد يوم واحد من مبادرة نهم إلى تحكيم أرحب، لتتوالى الخطوات على مسار وأد الفتنة. وأوضحت المصادر أن مشايخ ووجهاء أرحب قدموا تحكيماً في مطرح قبيلة نهم، وانتهى اللقاء إلى اتفاق صريح على طي الخلاف الذي اندلع أخيرًا وأدى إلى مواجهات دامية خلال الأسبوع المنصرم. بهذا التحكيم المتبادل، تُغلِق القبيلتان صفحة توتر كانت تنذر بانزلاق أوسع، وتعيدان تثبيت قواعد الضبط الأهلي ومسارات التهدئة المتعارف عليها قبليًا.

التحكيم في العرف القبلي ليس مجرد إجراء رمزي، بل آلية ملزمة تُعيد تعريف الموقف من “الثأر” و”الرد”، وتحوِّل الغضب إلى التزام أخلاقي وقانون اجتماعي يجنب الطرفين دوّامة الاستدامة في العنف. في حالات الاحتقان السريع، يُتيح التحكيم بناء أرضية مشتركة: تحديد المسؤوليات، وقف الاستفزازات الميدانية، والشروع في ترتيبات تضمن عدم تكرار أسباب الاشتباك. إعادة إحياء هذه الأداة الآن تعني أن القرار المحلي ما زال قادرًا على تعطيل هندسات الصراع الخارجية.

وجاء الاتفاق في ظل اتهامات لميليشيا الحوثي بمحاولة تأجيج الموقف عبر دعم طرف على حساب آخر، على نحو يُبقي التوتر حاضرًا ويمنع أي تحركات منسقة ضدها. وتضع هذه الاتهامات ما جرى بين أرحب ونهم ضمن نمط أوسع لمحاولات إشعال نزاعات بين كبريات قبائل الشمال، على غرار مساعٍ لإشعال فتنة بين العصيمات وحرف سفيان في عمران قبل أيام، وفق ما تتداوله المصادر المحلية. بغض النظر عن مدى تورط أي طرف، فإن قرار القبيلتين بإخماد النار يقطع واحدًا من أهم شرايين الاستثمار السياسي في الفوضى.

وترى قيادات قبلية في صنعاء أن إنهاء الحرب بين قبائل أرحب ونهم لها دلالات كثيرة على المشهد القبلي، فيها تؤكد على استعادة زمام المبادرة، فقرار التحكيم المتبادل يعيد مركز الثقل إلى المشيخة والوجاهات المحلية بعيدًا عن حسابات الأطراف المسلحة. إضافة إلى تقليل كلفة الصراع، فإيقاف التصعيد بعد أسبوع دموي يحدّ من دوائر الثأر ويمنع اتساع رقعة الاشتباكات إلى جغرافيات مجاورة. كما أن الخطوة الأخيرة ساهمت في تحييد محركات الفتنة، من خلال إغلاق منافذ الاختراق والتأثير الخارجي عبر ميثاق قبلي ملزم يرفع كلفة العبث بالمجتمع المحلي. وإيضًا عززت مسار السلم الأهلي، فتثبيت التحكيم كمرجعية يُشجّع قبائل أخرى على تفعيل الآليات ذاتها بدل الانجرار إلى الردود المباشرة.

ويقول المحلل والخبير العسكري علي الذهب، أن ميليشيا الحوثي تشجع الصراع بين القبائل كي تستمر في نفوذها ولا يكون هناك أي قوة تستطيع أن توقف جرائمها وانتهاكاتها، فهي تعمل على توظيف الخلافات والنزاعات القبلية لصالحها من خلال تزويد بعض الاطراف بالأسلحة والمال وتهيئة الأجواء لتبادل المعارك بين القبائل المتناحرة دون إي تدخل أو إيقاف أو مبالاة بالضحايا الذين يسقطون.

وأشار في الذهب في مداخلة له على قناة اليمن اليوم، أن الهدف الرئيسي للحوثيين هو تحطيم المكون القبلي وتماسكه من خلال تشجيع قبيلة ضد أخرى، وهذا برز بشكل كبير خلال الـ10 سنوات الماضية، حيث عادت الصراعات القبلية التي دفنت منذ عشرات السنين ، وإيضا تنامت الاشتباكات بين القبائل خاصة في المناطق التي تتمركز فيها القبائل ذات القوة والنفوذ الكبير.

وقال ان الميليشيات الحوثية تحاول إشعال الحرب بين القبائل اليمنية إلى جانب كسر زعماتها إما بالاعتقالات أو الاغتيالات أو الاستهدافات المباشرة أو بالتحييد وشراء ذممهم بالأموال والأسلحة، وحتى إيضا إدخالهم بصراعات مع قبائل أخرى في المنطقة. كما أن سعت الميليشيات إلى إضعاف قرارات الزعماء القبليين وتهمش أدوارهم بشكل كبير.

وأضاف المحلل والخبير العسكري علي الذهب أن الميليشيات لم تستطع حتى اللحظة إخضاع القبائل تحت سيطرتها وهذا ما تؤكده المواجهات التي لا تزال مستمرة ضد عناصرها في عدة محافظات ومناطق، ناهيك عن عمليات الصلح المفاجئة ورفض الاقتتال الذي تنتهجه الكثير من القبائل لمنع الانزلاق في المخطط الحوثي. مشيراً إلى أن هناك انقسام كبير للمكون القبلي في مناطق سيطرة الحوثيين فالكل ليس موالي لهذه الجماعة، وأن زعماء آخرين فضلوا المغادرة والتوجه صوب مناطق الحكومة اليمنية.