مصارف عراقية ولبنانية تحت المجهر.. ضغوط دولية تخنق شبكات التمويل الحوثية
السياسية - منذ 3 ساعات و 24 دقيقة
تواجه ميليشيا الحوثي أزمة مالية خانقة مع اتساع دائرة الضغوط الدولية على شبكات التمويل المصرفي التي تعتمد عليها لتغذية أنشطتها العسكرية وأعمالها الإرهابية. فقد باتت مصارف وبنوك في كل من العراق ولبنان ضمن المؤسسات المالية التي تتعرض لإجراءات عقابية أمريكية بعد ثبوت تورطها في تسهيل معاملات مالية وتوريدات ضخمة لصالح الحوثيين، في خطوة تعد جزءًا من استراتيجية أوسع لتجفيف منابع تمويل الجماعة.
في العراق، وُجّهت اتهامات مباشرة إلى مصرف الرافدين – أكبر وأعرق البنوك الحكومية – بتقديم تسهيلات مالية مرتبطة بجماعة الحوثي. الاتهامات الأمريكية وضعت بغداد أمام اختبار صعب بين ضغوط واشنطن المتصاعدة، ومساعيها لحماية سمعة نظامها المالي الذي يحاول النهوض من دائرة الشبهات الدولية.
وقالت المصادر المراقبة الدولية لتمويل الإرهاب كشفت تورط النظام الإيراني في استغلال النظام المالي العراقي لتحويل الدعم المالي لميليشياته المختلفة في المنطقة، ولاسيما جماعة الحوثي في اليمن. كما كشفت تقارير إعلامية، أبرزها أمريكية، عن شبكة معقدة يستخدمها النظام الإيراني عبر مصرف الرافدين العراقي وفرعه في صنعاء، للتهرب من العقوبات الدولية وتهيئة موارد مالية ضخمة لتمويل الجماعات المسلحة التي تعمل بالوكالة عن طهران.
وأظهرت تسريبات أن مصرف الرافدين، رغم كونه حكوميًا، يعالج مدفوعات مباشرة لصالح الحوثيين من خلال فرعه في صنعاء، ما يهدد الأمن الإقليمي. وقد طالبت وزارة الخزانة الأمريكية الحكومة العراقية بالوقف الفوري لهذه العمليات ونقل فرع المصرف إلى عدن الخاضعة للحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا. لكن الحكومة العراقية سارعت إلى نفي أي تعاملات من هذا النوع، فيما وُجهت اتهامات أخرى للمصرف بأنه يفتقر للشفافية ولا يخضع لتدقيق خارجي.
الحكومة العراقية بدورها أمرت بفتح تحقيق داخلي موسع للتأكد من صحة التقارير، مؤكدة أن العراق لن يسمح باستخدام نظامه المالي لدعم جماعات مسلحة أو أنشطة مشبوهة. وبحسب مصادر مصرفية عراقية، فقد شكّل "الرافدين" لجنة تحقيقية ضمّت ممثلين عن الرقابة والتدقيق الداخلي والإدارة القانونية، إلى جانب إشراك البنك المركزي العراقي لمراجعة التحويلات السابقة المرتبطة بالفرع اليمني.
وتزامن ذلك مع تحذيرات شديدة من أعضاء في الكونغرس الأمريكي، أبرزهم جو ويلسون، الذي لوّح بوقف التمويل المخصص لبغداد إذا لم يتم التعامل بجدية مع الملف. ورغم نفي السفارة العراقية في واشنطن وجود أي تعاملات من هذا النوع، فإن خبراء ماليين ومصرفيين أكدوا أن مجرد طرح القضية يكشف هشاشة ثقة المجتمع الدولي بالقطاع المالي العراقي. موضحين إن "سمعة العراق المالية على المحك، وأي شبهة من هذا النوع قد تعرّض المصارف الحكومية إلى عزلة دولية خطيرة".
أما في لبنان، فقد تكبّدت جماعة الحوثي واحدة من أكبر خسائرها المالية بعد استهداف مؤسسة القرض الحسن التابعة لحزب الله اللبناني – الذراع المصرفية غير الرسمية للحزب – والتي كانت تحتضن استثمارات وودائع بملايين الدولارات تخص الجماعة.
وبحسب تقارير نقلتها وكالة شينخوا، فإن الحظر المفروض على المؤسسة من قبل البنك المركزي اللبناني، إلى جانب الضربات الإسرائيلية الأخيرة، أدى إلى فقدان الحوثيين جزءًا كبيرًا من استثماراتهم، وهو ما وصفه خبراء بأنه "انكشاف مالي غير مسبوق" للجماعة.
وأكدت التقارير الاقتصادية أن "الضربة في لبنان أنهت واحدة من أهم قنوات التمويل الخارجي للحوثيين، خاصة وأنها جاءت متزامنة مع العقوبات الأمريكية وتقييد حركة الأموال المرتبطة بمحور إيران".
ويشير محللون إلى أن ما يجري في العراق ولبنان ليس إلا جزءًا من مسار أوسع يستهدف تجفيف موارد الحوثيين، ضمن ضغوط دولية متصاعدة على طهران وحلفائها في المنطقة. ويرى مراقبون أن الجماعة قد تواجه في الفترة المقبلة موجة عقوبات أشد تستهدف ما تبقى من قنواتها المالية السرية، ما قد يعجّل بإضعاف قدرتها على الاستمرار في تمويل عملياتها العسكرية.