آثار يمنية للبيع في سوق الملح بصنعاء مع تهديد بالتهريب
السياسية - منذ ساعتان و 53 دقيقة
كشف الباحث المتخصص في شؤون الآثار اليمنية، عبدالله محسن، عن معلومات جديدة وصفها بالخطيرة حول استمرار عمليات النهب والتجريف المنظم للآثار اليمنية، مشيرًا إلى أن إحدى القطع الأثرية النادرة، وهي تميمة ذهبية للأميرة "لبؤة بنت يدع أب" من القصر الملكي بمدينة نَشّان الأثرية بمحافظة الجوف، تُعرض حاليًا في سوق الملح بصنعاء بيد أحد سماسرة الآثار.
وقال محسن، في منشور على صفحته بفيسبوك بعنوان "من أسرار القصر الملكي في نشّان (الجوف) معروضة للبيع في سوق الملح بصنعاء!"، إن التميمة النادرة سبق وأن وثّقها باحثون في دراسات أكاديمية خارج اليمن، فيما ما تزال الجهات الرسمية داخل البلاد غائبة أو عاجزة عن حمايتها واستعادتها.
وأوضح الباحث أنه حصل قبل أيام على فيديو قصير للتميمة، تم تصويره في 13 سبتمبر الجاري، مؤكّدًا أنها لا تزال موجودة في صنعاء، لدى شخص في سوق الملح يُرمز لاسمه بـ "ك". ولفت إلى أنه كان قد حذّر سابقًا من ضياع هذه القطعة الفريدة، ودعا هيئة الآثار والمتاحف للتحرك قبل أن يتم تهريبها إلى الخارج.
وأشار محسن إلى أن الباحثين منير عربش وليلى عقيل سبق أن نشرا دراسة أكاديمية حول التميمة في دورية سيميتيكا عام 2021م، متسائلًا باستغراب: "كيف تصل معلومات عن آثار منهوبة إلى علماء الآثار في الخارج قبل أن تعرف عنها الهيئة أو الباحثون في الداخل؟"، معتبراً أن ذلك يكشف عن شبكات تهريب عابرة للحدود تعمل على تسريب البيانات قبل القطع نفسها.
ونقل الباحث أجزاء من دراسة الدكتورة ليلى عقيل، التي أكدت أن التميمة الذهبية صُنعت بدقة عالية وفق تقاليد اليمن القديم. فهي قطعة هلالية الشكل ذات طرفين مستديرين مثقوبين لتعليقها، محفورة من الوسط بسطرين كتابيين، ومحاطة بسلسلة من النقاط الدقيقة بتقنية تقليدية تُحاكي "التحبيب".
وأضافت عقيل أن استخدام الذهب في هذه التمائم لم يكن اعتباطيًا، إذ يرتبط في الموروث اليمني القديم بفكرة القداسة والخلود لعدم قابليته للأكسدة، مشيرة إلى أن هذه القطعة تكشف عن الدور البارز للنساء الملكيات، خصوصًا الأميرات، في الطقوس الدينية وتقديم النذور داخل القصر الملكي بمدينة نشّان في القرن السابع قبل الميلاد.
ظهور التميمة في سوق محلي بصنعاء دليل إضافي على وجود سوق سوداء نشطة للآثار، يتم من خلالها عرض القطع علنًا تمهيدًا لبيعها لتجار وسماسرة دوليين، ثم تهريبها إلى الخارج حيث تباع في مزادات عالمية. وختم الباحث دعوته بالقول: "أهيب بهيئة الآثار سرعة التحرك لاستعادة القلادة الذهبية وما يصاحبها من مجوهرات وحُلي من آثار اليمن، قبل أن تضيع كما ضاع غيرها في دهاليز التهريب والنهب المنظم."
الكشف الجديد يعيد فتح ملف التهريب الواسع للآثار اليمنية، الذي تفاقم خلال سنوات الحرب، حيث تحولت مواقع أثرية كبرى مثل مأرب والجوف وحضرموت إلى بؤر للنهب غير المشروع، وسط ضعف الرقابة وتواطؤ شبكات محلية ودولية.
ويرى مراقبون أن غياب مؤسسات الدولة وتعدد مراكز القوى جعل من اليمن أرضًا خصبة للمهربين، فيما لا تزال آلاف القطع اليمنية تعرض في متاحف ومزادات عالمية دون أن تجد طريقها للعودة.