ملفات عالقة وتقدّم حذر في خطة ترامب للسلام بغزة

العالم - Tuesday 14 October 2025 الساعة 08:47 pm
القاهرة، نيوزيمن:

بين التفاؤل الحذر والتساؤلات المقلقة، تمضي خطة السلام الأميركية الخاصة بغزة في طريقها وسط واقع سياسي وأمني شديد التعقيد، بعد تنفيذ المرحلة الأولى التي شملت إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين الأحياء مقابل مئات الأسرى الفلسطينيين، وبدء تدفّق المساعدات الإنسانية إلى القطاع المنهك من الحرب.

الخطوات التي نُفذت يوم الاثنين تمثل نقطة تحول أولى في الخطة المكونة من عشرين بنداً، التي أطلقها الرئيس الأميركي دونالد ترامب بعد عامين من الصراع الدامي، لكنها تكشف في الوقت ذاته هشاشة التفاهمات وعمق القضايا التي لا تزال عالقة دون حلول واضحة.

وجاءت هذه التطورات بعد ثلاثة أيام من دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ وانسحاب القوات الإسرائيلية من بعض المناطق إلى خطوط متفق عليها مسبقاً، فيما عقد ترامب في القاهرة قمة دولية شارك فيها عدد من قادة العالم لبحث مستقبل غزة والمنطقة.

ورغم التقدم في ملف الرهائن والأسرى، تبقى الملفات الحساسة – من نزع سلاح حركة حماس، وهوية الجهة التي ستدير غزة، ومستقبل الدولة الفلسطينية، إلى إعادة الإعمار – دون إجابات حاسمة.

وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، اللفتنانت كولونيل نداف شوشاني، إن الجيش "ملتزم بتنفيذ الاتفاق"، لكنه أشار إلى أن بعض البنود "ما تزال قيد التنفيذ الجزئي، بما في ذلك تسليم جثامين الرهائن الذين بقوا داخل غزة".

وتقدّر البنك الدولي والجهات الإقليمية المانحة حجم الدمار في غزة بما يتجاوز 53 مليار دولار، ما يجعل إعادة الإعمار أحد أعقد التحديات أمام أي تسوية مستقبلية. ومن المقرر أن تستضيف مصر مؤتمراً دولياً لتنسيق جهود إعادة البناء، غير أن خلافات حادة لا تزال قائمة بشأن الجهة التي ستتولى إدارة الأموال والمشروعات داخل القطاع.

وتتمسك إسرائيل بمطلبها نزع سلاح حركة حماس بالكامل، وهو ما ترفضه الحركة التي تشترط انسحاباً كاملاً للجيش الإسرائيلي قبل أي نقاش أمني. ورغم الانسحاب الجزئي، تواصل إسرائيل السيطرة على نحو 53% من مساحة القطاع، بما يشمل مدينة رفح وأجزاء من الشمال وشريط الحدود مع إسرائيل.

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إن إسرائيل "تحكم الخناق على حماس"، متوعداً بأن غزة "ستُجرّد من السلاح سواء بالطرق السهلة أو الصعبة".

وتنص الخطة الأميركية على أن تُدار غزة مؤقتاً من قبل هيئة دولية تشرف على حكومة تكنوقراط فلسطينية لتسيير الشؤون اليومية، على أن يُستبعد أي دور مباشر لحماس.

وتشير الخطة إلى إمكانية منح السلطة الفلسطينية دوراً لاحقاً بعد إصلاح بنيتها السياسية والإدارية، دون تحديد جدول زمني واضح، فيما تصرّ حماس على أن شكل الحكم في غزة يجب أن يُقرَّر فلسطينياً دون تدخل خارجي.

تتضمن الخطة نشر قوة أمنية عربية بإشراف الأمم المتحدة، تضم عناصر من الشرطة الفلسطينية مدرّبين في مصر والأردن، على أن تنسحب القوات الإسرائيلية تدريجياً مع انتشار هذه القوة. 

وأكد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي أن نشر هذه القوة "يتطلب تفويضاً من مجلس الأمن الدولي لتحديد مهامها وصلاحياتها كقوة حفظ سلام".

وفي الوقت نفسه، يشارك نحو 200 جندي أميركي في مراقبة وقف إطلاق النار وتنفيذ المرحلة الأولى من الخطة بالتعاون مع دول شريكة ومنظمات دولية.

ورغم الأجواء الإيجابية الحذرة، يرى مراقبون أن الملفات العالقة – من نزع سلاح حماس إلى مستقبل الحكم والدولة الفلسطينية – تمثل ألغاماً سياسية قد تعرقل أي تقدم لاحق، مؤكدين أن المرحلة المقبلة ستكون اختباراً حقيقياً لجدية الأطراف وقدرة واشنطن على إنقاذ مبادرتها من التعثر.