المحامي عبدالمجيد صبرة.. وجع العدالة في ظلمة السجون الحوثية
السياسية - منذ 4 ساعات و 14 دقيقة
في بلدٍ يئنّ تحت وطأة القمع والانتهاكات، ما يزال المحامي والحقوقي البارز عبدالمجيد صبرة، رئيس هيئة الدفاع عن المختطفين اليمنيين، يقبع منذ نحو شهر في ظلمات سجون ميليشيا الحوثي بصنعاء، بعد أن كان طوال سنوات الحرب صوت المظلومين وملاذ آلاف الأسر التي تنتظر أبناءها خلف القضبان.
اختطاف صبرة لم يكن حادثة عابرة، بل صفعة على وجه العدالة التي يحاول اليمنيون إنعاشها في بلدٍ تلاشت فيه مؤسسات القانون وتحوّلت فيه المحاكم والسلك القضائي إلى أداة بيد ميليشيا إرهابية تستغلها لممارسة أبشع الجرائم والانتهاكات الاستبدادية بحق المناهضين لها.
صبرة، المعروف بشجاعته ومواقفه الحازمة ضد الانتهاكات، اختُطف من مكتبه بصنعاء، قبل أن يتصل مؤخرًا بأسرته من رقمٍ مجهول ليؤكد أنه محتجز في زنزانة انفرادية، دون السماح له بالتواصل مع محاميه أو معرفة موقع احتجازه. وأفاد شقيقه، وليد صبرة، بأن الاتصال كان قصيراً ومليئاً بالقلق، فيما عبّرت أسرته عن خشيتها من تعرضه لمعاملة قاسية أو تعذيب.
وكتب الإعلامي محمود العتمي تعليقاً مطولاً وصف فيه عبدالمجيد صبرة بأنه "محامي كرامة اليمنيين في مناطق الحوثي". وقال العتمي: "منذ نحو شهر يقبع القاضي والمحامي الجمهوري العتيد عبدالمجيد صبرة في ظلمة المعتقل الحوثي، الرجل الذي كان الأمل الوحيد لآلاف المخطوفين في زنازين العنصرية الحوثية البغيضة، أصبح اليوم واحداً منهم."
وأضاف العتمي أن صبرة يمثل "ما تبقى من شرف المهنة في مناطق الصمت والخوف"، وأن اختطافه لن يقلل من شجاعته، بل "يزيده إصراراً على مقاومة مشروع مناطقي متخلف يسعى لإذلال الناس وتكميم أفواههم". وختم بالقول: "حفظ الله القاضي صبرة وكل المخطوفين في زنازين مشروع صعدة العنصري المستبد وصبيانه الذين يجهلون دروس التاريخ وعاتياته."
فيما المحامي عمر الحميري، وجّه نداءً عاجلاً إلى اتحاد المحامين العرب والمنظمات الحقوقية الدولية، طالب فيه بإصدار بيان إدانة صريح ضد الانتهاكات الحوثية بحق المحامين في اليمن، وآخرها اختطاف عبدالمجيد صبرة وإخفاؤه قسرياً منذ شهر "دون جريمة أو محاكمة".
وأوضح الحميري أن نقابة المحامين في صنعاء باتت عاجزة عن اتخاذ أي موقف خشية الانتقام من أعضائها، بسبب القيود المفروضة من قبل الميليشيا التي أنشأت نقابة بديلة لـ"وكلاء الشريعة"، وشرعت تعديلات قانونية غير دستورية تمنح القضاة المعيّنين من الجماعة صلاحية إيقاف المحامين عن العمل وفرض عقوبات تأديبية قاسية.
وقال الحميري إن ما يجري "يُعد حملة منظمة لتفكيك مهنة المحاماة وحرمان المواطنين من العدالة"، مؤكداً أن صمت المجتمع الدولي يشجع الميليشيا على المضي في تدمير المنظومة القانونية في مناطق سيطرتها.
في موازاة ذلك، طالبت 17 منظمة حقوقية ومدنية، بينها العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش، بالإفراج الفوري عن المحامي عبدالمجيد صبرة، الذي اعتُقل في 25 سبتمبر الماضي إثر منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي استذكر فيها ثورة 26 سبتمبر. مشيرة إلى أن العملية "ترقى لجريمة إخفاء قسري".
وأكدت المنظمات أن الحملة تأتي ضمن موجة قمع واسعة ضد من احتفلوا بذكرى الثورة الجمهورية، في وقت تفرض فيه الجماعة 21 سبتمبر يوماً بديلاً لاحتفالات الدولة الرسمية. وشدد البيان على أن استمرار هذه الاعتقالات يمثّل "انتهاكاً صارخاً لحرية التعبير وحقوق الإنسان"، داعياً الحوثيين إلى إطلاق جميع المحتجزين تعسفياً، بمن فيهم موظفون أمميون وعاملون في منظمات مدنية.
قضية عبدالمجيد صبرة اليوم تتجاوز شخصه لتصبح رمزاً لمعركة الكرامة والعدالة في وجه الطغيان، فالرجل الذي دافع عن ضحايا القهر أصبح ضحيةً له، لكنّ صموده خلف القضبان يذكّر اليمنيين بأن صوت الحق، مهما كُبّت، لن يُخنق إلى الأبد.