تحديات العودة إلى البحر الأحمر.. سفينة CMA CGM تُقدم أول تجربة

إقتصاد - Sunday 02 November 2025 الساعة 08:58 pm
عدن، نيوزيمن:

في خطوة تُعد مؤشرًا على تحولات حذرة في حركة الملاحة الدولية، أعلنت شركة الشحن البحري الفرنسية CMA CGM، وهي واحدة من أكبر شركات النقل البحري في العالم، اعتزامها استئناف الإبحار عبر مسار البحر الأحمر بعد توقف دام قرابة عامين نتيجة هجمات الميليشيا الحوثية على السفن التجارية.

وكشفت منصة "لويدز ليست" Lloyd’s List المتخصصة في شؤون الملاحة البحرية أن سفينة الحاويات العملاقة "CMA CGM Benjamin Franklin"، التابعة للشركة الفرنسية، ستعبر البحر الأحمر خلال الأيام المقبلة في أول رحلة من نوعها منذ تصاعد الأزمة وهجمات الحوثيين على السفن في مضيق باب المندب، ما يُعد اختبارًا فعليًا مبكرًا للممر المائي الحيوي الذي ظل مغلقًا أمام السفن العملاقة منذ أواخر عام 2023.

ووفقًا للبيانات التي أوردتها المنصة، فإن السفينة CMA CGM Benjamin Franklin (رقم IMO: 9706891)، التي تبلغ حمولتها 17,859 حاوية نمطية، تتجه حاليًا نحو قناة السويس في طريقها إلى آسيا، لتصبح بذلك أكبر سفينة حاويات تعبر البحر الأحمر منذ مطلع عام 2024.

وتُظهر بيانات تتبع السفن أن السفينة تقترب حاليًا من ميناء الإسكندرية المصري بعد مغادرتها ساوثهامبتون في المملكة المتحدة في 25 أكتوبر، فيما تشير وجهتها المسجلة عبر نظام AIS إلى ميناء كلانج في ماليزيا.

وتعمل السفينة ضمن خدمة NEU4 التابعة لـ"تحالف المحيطات" (Ocean Alliance) الذي يضم شركات: CMA CGM، COSCO Shipping، وEvergreen، وقد عبرت السفينة في طريقها إلى أوروبا حول رأس الرجاء الصالح كما فعلت معظم السفن العملاقة خلال فترة التصعيد الأمني في البحر الأحمر.

ويرى محللون أن خطوة CMA CGM تمثل مؤشرًا على اختبار تدريجي لسلامة ممرات البحر الأحمر، بعد أن خفّت حدة التوتر مؤخرًا إثر إعلان اتفاق وقف الحرب في غزة، الذي كانت ميليشيا الحوثي تستخدمه ذريعة لمهاجمة السفن بزعم دعمها لإسرائيل. 

ويقول جونسون ليونغ، المؤسس المشارك لشركة Linerlytica لتحليل النقل البحري: "السفينة تُجري اختبارًا عمليًا لإمكانيات العودة إلى البحر الأحمر. رحلتها المقبلة إلى ميناء كلانج في 15 نوفمبر ستحدد مدى نجاح التجربة."

ومع أن الشركة الفرنسية لم تصدر تعليقًا رسميًا، فإن مراقبين يعتبرون الرحلة بدايةً حذرة لعودة حركة الشحن الدولي إلى هذا الممر الذي يمرّ عبره ما يقارب 12% من حجم التجارة العالمية.

وتشير بيانات Lloyd’s List Intelligence إلى أن حركة مرور الحاويات عبر مضيق باب المندب شهدت ارتفاعًا طفيفًا خلال عام 2025 مقارنة بالعام الماضي، لكنها لا تزال عند مستويات منخفضة جدًا مقارنة بما قبل الأزمة. فعلى سبيل المثال، لم تسجّل قناة السويس عبور أي سفينة حاويات تزيد حمولتها عن 17 ألف حاوية نمطية منذ يناير 2023.

وخلال الأشهر التسعة الأولى من 2025، تم تسجيل 13 رحلة فقط لست سفن تتراوح حمولتها بين 15 و16 ألف حاوية، جميعها تابعة لشركة CMA CGM، ما جعلها الشركة الوحيدة تقريبًا التي واصلت إرسال سفنها عبر المنطقة، تحت حماية الأسطول البحري الفرنسي لمواجهة تهديدات الطائرات المسيّرة الحوثية.

تأتي هذه الخطوة بعد دخول اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس حيّز التنفيذ في 10 أكتوبر بوساطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مما أنعش الآمال في استقرار نسبي قد يسمح بإعادة تنشيط الخطوط الملاحية عبر البحر الأحمر.

غير أن المحللين يرون أن الهدوء لا يزال هشًّا، خصوصًا مع الغارات الإسرائيلية المتجددة على غزة الأسبوع الماضي، والتي اتهمت خلالها تل أبيب حركة حماس بانتهاك الاتفاق. ويُرجّح الخبراء أن عودة الأساطيل الكبرى إلى البحر الأحمر لن تحدث قبل مطلع العام المقبل، نظرًا لمخاوف شركات التأمين والتحديات الأمنية المستمرة في مضيق باب المندب وخليج عدن.

وتُعد السفينة "CMA CGM Benjamin Franklin"، التي بنتها شركة Shanghai Waigaoqiao الصينية عام 2015 وسُمّيت على اسم أحد الآباء المؤسسين للولايات المتحدة، من أول السفن العملاقة (ULC) التي دخلت الموانئ الأمريكية مثل لوس أنجلوس وأوكلاند. وتحوّل رحلتها الحالية إلى اختبار رمزي واستراتيجي لمستقبل التجارة الدولية في ظل الهدوء النسبي بالمنطقة.

ورغم الأجواء المليئة بالترقب، فإن عودة CMA CGM للإبحار عبر البحر الأحمر تمثل بارقة أمل لشركات النقل والتجارة العالمية في إعادة فتح واحد من أهم الشرايين الاقتصادية الدولية. غير أن استمرار الأمن في الممر المائي سيعتمد على مدى صمود اتفاق غزة، وقدرة المجتمع الدولي على ردع تهديدات الحوثيين وضمان حرية الملاحة الدولية في هذا المسار الحيوي.