تأهيل موانئ الحديدة.. مساعٍ حوثية لاستعادة أهم مورد اقتصادي لخزينتها

السياسية - منذ 3 ساعات و 5 دقائق
الحديدة، نيوزيمن:

تشهد محافظة الحديدة الواقعة على ساحل البحر الأحمر تحركات حوثية مكثفة لإعادة تأهيل وتشغيل موانئها الحيوية، في مسعى واضح من الجماعة لاستعادة أهم مورد اقتصادي يمد خزائنها بالعملات الأجنبية، بعد أن تعرضت منشآتها البحرية خلال الأشهر الماضية لغارات جوية أميركية وإسرائيلية ألحقت بها أضراراً بالغة.

ووفق مصادر ملاحية وتجارية متعددة، كثفت الميليشيات الحوثية خلال الأسابيع الأخيرة أعمال الإنشاء والصيانة والتوسعة في موانئ الحديدة ورأس عيسى والصليف، في محاولة لتعويض الخسائر التشغيلية والاقتصادية الناجمة عن تلك الضربات، ولتمكين الموانئ من استقبال السفن التجارية والنفطية مجدداً بعد أشهر من التوقف الجزئي.

وتأتي هذه التحركات في ظل ضائقة مالية غير مسبوقة تواجهها الميليشيات الحوثية نتيجة تراجع مواردها التقليدية، والحصار المفروض على شبكات التمويل المرتبطة بإيران والحرس الثوري الإيراني. وبحسب مصادر في صنعاء، دفعت هذه الأزمة الحوثيين إلى فرض جبايات مالية جديدة على الشركات والبيوت التجارية والمستوردين تحت ذرائع مختلفة، أبرزها "المساهمة في مواجهة تبعات المواجهة مع إسرائيل والولايات المتحدة" وتمويل مشاريع إعادة الإعمار في موانئ الحديدة.

وذكرت المصادر بحسب صحيفة "الشرق الأوسط" أن الجماعة ألزمت التجار بدفع مبالغ كبيرة لصالح صندوق أُنشئ خصيصاً لإصلاح ما تصفه بـ"أضرار العدوان"، مهددة في الوقت نفسه بعرقلة دخول البضائع عبر المنافذ البحرية والبرية لمن يرفض الدفع أو يتأخر عن الاستجابة لتلك المطالب.

وتظهر صور الأقمار الصناعية التي نشرتها منصة "ذا ماري تايم إكزكيوتيف" الأميركية أن الحوثيين يجرون توسعات واسعة في ميناء رأس عيسى شمال مدينة الحديدة، تمكّنه من استقبال السفن الكبيرة وتحويله من منصة تصدير نفط إلى ميناء استيراد متعدد الاستخدامات. كما أظهرت الصور إنشاء أرصفة جديدة وجزيرة صناعية موسعة إلى جانب رصد أكثر من 17 سفينة تنتظر الرسو في المياه المقابلة للميناءين.

وكشفت المنصة عن أن الجماعة الحوثية تستخدم بقايا السفينة "غالاكسي ليدر" – التي تعرضت لغارة إسرائيلية بعد استيلائهم عليها العام الماضي – في إعادة تأهيل ميناء الصليف شمال الحديدة وتحويلها إلى رصيف عائم بديل. وبيّنت أن الميناء عاد إلى العمل بشكل شبه كامل بعد أن تضرر ميناء الحديدة الرئيسي بشكل أكبر بفعل الغارات الجوية.

ومنذ سيطرة الحوثيين على الحديدة عام 2014، تحوّل الميناء – الذي كان يعد شريان الحياة لملايين اليمنيين – إلى مركز عسكري واقتصادي مغلق يخدم أجندة الميليشيا، حيث استخدمته لاستقبال شحنات الأسلحة الإيرانية والخبراء العسكريين، إلى جانب تهريب الوقود والمواد المحظورة.

وبحسب تقارير أممية ودولية، فإن الحوثيين يخفون الأسلحة والذخائر داخل شحنات الإغاثة، ويحوّلون عائدات الميناء إلى خزائن الجماعة بدلاً من صرفها كرواتب للموظفين أو تمويل الخدمات العامة، ما فاقم الأوضاع الإنسانية والمعيشية في البلاد.

كما مثّل الميناء تهديداً للأمن البحري وخطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر، إذ استخدم الحوثيون الزوارق المفخخة والألغام البحرية لاستهداف السفن التجارية وناقلات النفط، ما جعل المنطقة إحدى أكثر النقاط حساسية في العالم.

ورصدت تقارير ملاحية دولية خلال الأسابيع الأخيرة وصول سفن بضائع وسفن نفطية جديدة إلى موانئ الصليف ورأس عيسى دون المرور عبر آلية الأمم المتحدة للتحقق والتفتيش (UNVIM) في جيبوتي، في مخالفة صريحة لقرار مجلس الأمن رقم 2216 الذي يلزم السفن التجارية بالمرور بعملية تفتيش دولية قبل دخولها الموانئ اليمنية.

وتشير المعلومات إلى أن الحوثيين باتوا يعتمدون على الرافعات المحمولة على السفن لتفريغ الشحنات، في ظل عجزهم عن شراء أو تركيب رافعات ثابتة خشية استهدافها مجدداً بالغارات الجوية.

ويرى مراقبون أن التحركات الحوثية الأخيرة تعكس محاولة استعجالية لإنعاش موارد الجماعة المالية بعد أن تلقت ضربات موجعة في البحر الأحمر وتعرضت شبكاتها التمويلية لعقوبات دولية. في المقابل، تؤكد أطراف يمنية أن استمرار سيطرة الحوثيين على موانئ الحديدة يشكّل خطراً مزدوجاً على الاقتصاد اليمني والأمن البحري الإقليمي، داعين إلى إشراف دولي فعّال يضمن بقاء الميناء ممرًّا إنسانيًّا آمنًا لا منفذاً لتهريب السلاح وتمويل الحرب.