سمير رشاد اليوسفي

سمير رشاد اليوسفي

تابعنى على

في المخا… الطب يعالج القلوب قبل العيون

منذ ساعتان و 47 دقيقة

في مدينةِ المُخا، أُقيمَ مخيَّمٌ لعِلاجِ حَوَلِ العيونِ.

أكثرُ من مئتينِ وخمسينَ إنسانًا رأَوا الأشياءَ كما هي: مُستقيمةً، لا مائلةً.

وقد تبيَّنَ لنا معهم كيف يمكنُ للطِّبِّ أن يُعيدَ التَّوازُنَ؛ لا لِلبَصَرِ وَحدَه، بل للحياةِ من حولِهِم.

لم يُسأل أحدٌ: من أينَ أتيتَ؟

بل سُئِلَ: كيف ترى نفسك بعد أن استقام لك النظر؟

وهذا أجملُ ما في المِهنةِ… أن تُعامِلَ الإنسانَ كإنسانٍ، لا كعُنوانٍ.

في رُكنٍ من المخيَّمِ، وقفتْ أمٌّ تُمسكُ بيدِ طفلِها بعدَ العمليَّةِ.

كان يُطالعُ وجهَها لأوَّلِ مرةٍ دونَ ميلٍ، وقالَ لها بصوتٍ منخفضٍ:

“وجهُكِ صارَ كاملًا يا أمي.”

فبكَتْ. لم يكن في كلامِه طِبٌّ، بل شِفاءٌ من نوعٍ آخرَ.

جاء القادمونَ من مناطقَ بعيدةٍ، بعضُهم محرومٌ من الكهرباءِ، ومن تكاليفِ العلاجِ، ومن نظرةِ الاحترامِ.

فوجَدوا في هذا المخيَّمِ ما لم يَجِدوهُ في مؤسَّساتٍ كثيرةٍ:

يَدًا تُجري العمليَّةَ، وقلبًا يَمْنَحُ الرَّحمةَ.

نحن لا نحتاجُ إلى مبادراتٍ ضخمةٍ فقط، بل إلى مَن يَرى الإنسانَ قبلَ أوراقِهِ، ويُشخِّصُ الوجعَ دونَ سُؤالٍ عن انتمائِهِ.

المخيَّمُ انتهى، لكنَّ فكرتَهُ لا ينبغي أن تنتهيَ.

لأنَّ إصلاحَ البصرِ لا يُغني عن تصويبِ البَصِيرَةِ؛ فقد تميلُ قليلًا من كثرةِ ما رأيناه من مآسٍ لا تُحصى.

من صفحة الكاتب على منصة إكس