بسام الإرياني

بسام الإرياني

تابعنى على

المؤتمر الشعبي العام مدرسة سياسية يمنية بميثاق وطني فريد

منذ 4 ساعات و 3 دقائق

حين نتحدث عن المؤتمر الشعبي العام فنحن لا نصف مجرد حزب سياسي عابر في المشهد اليمني ولا نروي قصة تنظيم ولد لمرحلة محددة ثم ذاب في صراعاتها، بل نحن أمام مدرسة سياسية وطنية متكاملة، بُنيت على أسس يمنية خالصة وارتبطت باليمنيين في وجدانهم وتفكيرهم وتطلعاتهم، المؤتمر الشعبي العام ليس استنساخاً لتجارب وافدة ولا نسخة عن مشاريع أيديولوجية غريبة بل هو ثمرة تفاعل وطني عميق ونتاج فكر يمني جمعي صاغه اليمنيون بأنفسهم ليكون لهم بيتاً سياسياً كبيراً يعبر عنهم ويجمعهم تحت راية الميثاق الوطني الذي تأسس المؤتمر على أساسه لم يكن مجرد وثيقة نظرية كُتبت بحبر على ورق بل كان تعبيراً عن رؤية متكاملة لبناء الدولة والمجتمع، إطاراً فكرياً وسياسياً وأخلاقياً فريداً لم يسبق لأي حزب في اليمن ولا في محيطه العربي أن امتلك ما يماثله، هذا الميثاق لم يستورد من الخارج ولم يُفرض على اليمنيين بل تشكل عبر نقاشات عميقة وحوارات واسعة شارك فيها مفكرون وسياسيون ووجهاء من مختلف مناطق البلاد ليكون صوتاً للشعب وتعبيراً عن ضميره الجمعي، وبفضل هذا الميثاق أصبح المؤتمر الشعبي العام حالة استثنائية في تاريخ العمل الحزبي إذ جمع بين فكرة الحزب والتنظيم من جهة وفكرة المشروع الوطني الشامل من جهة أخرى.

لقد استطاع المؤتمر الشعبي العام أن يترجم مبادئ الميثاق الوطني إلى واقع ملموس في الحياة السياسية فهو لم يكن حزباً للنخبة وحدها ولا تياراً يحتكر الوطنية لنفسه بل كان فضاءً رحباً يتسع لكل اليمنيين على اختلاف مشاربهم من البسطاء في القرى إلى المثقفين في المدن، من رجال القبائل إلى الأكاديميين ورجال الأعمال، وبهذا المعنى تحول المؤتمر إلى مدرسة سياسية تعلم فيها اليمنيون معنى التنظيم والانضباط والالتفاف حول مشروع جامع بعيداً عن ضيق العصبيات والولاءات الفئوية؛ ومما يميز المؤتمر الشعبي العام أنه لم ينغلق على نفسه ولم يتحول إلى أداة إقصاء بل كان على الدوام جسراً يربط بين مختلف القوى وإطاراً يضمن التوازن داخل الحياة السياسية، ورغم العواصف التي مر بها الوطن ظل المؤتمر صامداً وموجوداً لأنه ببساطة ليس تنظيماً طارئاً يمكن أن يُجتث أو يُمحى بل هو امتداد لوجدان الشعب ونتاج لمسيرة طويلة من الكفاح الوطني، وكل من حاول في مراحل مختلفة أن يقلل من شأنه أو يتوهم القدرة على تجاوزه أدرك في النهاية أن المؤتمر الشعبي العام أكبر من الأشخاص وأعمق من اللحظة وأنه يمثل حالة سياسية راسخة الجذور؛ لقد قدّم المؤتمر الشعبي العام عبر تاريخه نماذج سياسية وتنظيمية قلّ أن نجد لها مثيلاً في محيطه الإقليمي، فقد أسس فكرة الحزب الجامع الذي يوازن بين المصلحة الوطنية العليا والمصالح الفردية والذي يسعى لبناء الدولة على أساس المشاركة لا الإقصاء، وهو بهذا المعنى لم يكن مجرد منافس في ساحة حزبية بل مدرسة متكاملة خرجت قيادات متنوعة بعضها ظل في صفوفه وبعضها غادره لكنها جميعاً تظل تدين له بالفضل في التكوين السياسي والفكري.

الميثاق الوطني الذي تميز به المؤتمر هو سر تفرده وبقائه فهو أشبه بالدستور الأخلاقي والسياسي الذي يحدد هوية الحزب ويمنحه أصالته، هذا الميثاق هو الذي جعل الحزب مرناً في مواجهة المتغيرات قادراً على التكيف مع الأحداث دون أن يفقد جوهره أو يفرط في مبادئه ثابتاً في ولائه للوطن متمسكاً بوحدة اليمن وسيادته، مدركاً أن أي مشروع سياسي حقيقي لا يمكن أن يقوم إلا على أساس الانتماء الصادق للشعب.

واليوم تأتي الذكرى الثالثة والأربعون وبعد عقود من التأسيس يظل حزب المؤتمر الشعبي العام مدرسة سياسية يمنية بامتياز لا ينافسه في هذا الوصف حزب آخر، مدرسة تعلمت منها الأجيال معنى الوطنية وأدركت عبرها أن العمل السياسي ليس مجرد صراع على السلطة بل مسؤولية وطنية كبرى، ورغم كل التحديات التي عصفت بالبلاد بقي المؤتمر وفياً لرسالته ومتمسكاً بميثاقه لأنه ببساطة حزب وُلد من رحم الشعب وسيظل لصيقاً به، مدرسة مفتوحة للأجيال وبيتاً سياسياً كبيراً يتسع لكل اليمنيين، وإرثاً وطنياً لا يمكن أن يُمحى من الذاكرة أو يُجتث من الواقع، مهما تطاول الاقزام على قياداته أو سعت التنظيمات والجماعات الطائفية الإرهابية على النيل منه، أقول لهم سيظل المؤتمر الشعبي العام البيت الكبير الذي لا تغلق أبوابه، وهو الحزب الذي لا يشيخ لأنه ولد من روح اليمن، وكل محاولاتكم في التقليل من دوره او اجتثاثه ستتساقط ويبقى المؤتمر ثابتاً كثبات جبل نقم وشمسان.