محمد العولقي

محمد العولقي

تابعنى على

أشرف حكيمي.. الظهير الذي تجاوز حدود مركزه

Thursday 20 November 2025 الساعة 06:28 pm

احتار الجميع في تحديد هوية هذا الخليط الكروي العجيب الذي يقدمه المغربي الدولي أشرف حكيمي؛ كأنه طبق الموسم الذي يحرّض مشهيات يسي لها اللعاب بدرجة تفوق مشهيات الكسكس المغربي الشهير.

ظلّت النظرة القاصرة للمدافع لا تبرح حكاية أنه "معول هدم" لا يصلح لأي متعة فردية. توارى المدافعون خلف سحابة لاعبي الوسط والهجوم؛ فالمتعة الفردية، تنبع من حبكة درامية لمهاجم يراقص الشباك، أو لاعب وسط يرسل تمريرة ماكرة عبر أثير فني رفيع الجودة. وظلت تلك الدراما بعيدة عن مسرح المدافعين، إلا من رحم ربي.

جاء الأسد المغربي أشرف حكيمي ليغيّر كل تلك الكلاسيكيات التي التصقت بالمدافع. ظهر في ليلة عيد ليحوّل لوغاريتمات المدافع الهدّام إلى متوالية حسابية وهندسية تبني من الأرقام خيمة للدهشة.

جاء حكيمي بما لم يأت به الأوائل، وأثبت للفنيين أن سفينة الظهير يمكن أن تبحر، وتجتاح الأمواج، وتقهر خيارات الرياح التي تأتي بما لا تشتهي السفن.

أكد المغربي أشرف حكيمي، وهو يفوز بجائزة أفضل لاعب أفريقي لهذا العام، أنه الاستثناء الجميل في كرة القدم الحديثة. كيف لا وهو أول من تمرد على مفهوم الظهير التقليدي، وأول من حول جهته اليمنى إلى جحيم أحرق كل المنافسين.

ما كان لباريس سان جيرمان أن يضع قدماً على خريطة الكبار في القارة العجوز لولا أشرف حكيمي، اللاعب الذي كان سخياً مع ناصر الخليفي بدرجة تفوق سخاء وكرم حاتم الطائي.

باريس الفاتنة الجميلة المدللة، التي تتباهى بأنها عاصمة النور وتفاخر بأنها بلد الموضة والعطور، آن لها أن تخرج من جلدها وتعترف بأن لاعباً مغربياً حط الرحال فيها فسحرها؛ فأصبح أشهر موضة لظهير فتاك ينازع في شموخه كبرياء برج إيفل.

العازفون على أوتار القلوب انقرضوا، ولم يبقَ منهم إلا القليل. وأشرف حكيمي هو الظهير الفنان الذي يعبق باريس بعطر موسيقاه. إنه يبدو كما قال الفيلسوف أفلاطون:

"الموسيقى قانون أخلاقي؛ إنها تمنح الحياة للروح، والأجنحة للعقل، وتنقلك إلى الخيال، وتُلهم السحر والإبهار بالحياة وكل ما حولنا."

من صفحة الكاتب على الفيسبوك