قرارات حكومية بخفض رسوم التعليم تصطدم برفض ملاك المدارس الأهلية

السياسية - منذ ساعتان و 40 دقيقة
المكلا، نيوزيمن، خاص:

بينما يترقب اليمنيون عامًا دراسيًا جديدًا، يواجه آلاف أولياء الأمور صدمة قاسية مع الارتفاع المضاعف لرسوم الدراسة في المدارس والجامعات الأهلية الخاصة، في وقت يفترض أن يشهد انفراجًا نسبيًا بعد تحسن العملة المحلية وتراجع أسعار الصرف. إلا أن تجاهل إدارات تلك المؤسسات التعليمية للتوجيهات الحكومية بخفض الرسوم، يعمّق من أزمة الثقة بين المواطن والقطاع الخاص، ويطرح تساؤلات حول دور الرقابة الرسمية في حماية الأسر من الاستغلال.

ورفعت المدارس والجامعات الأهلية في مختلف المحافظات المحررة رسوم التسجيل للعام الدراسي 2025 – 2026 إلى مستويات مضاعفة، مستغلة حالة الانهيار الاقتصادي العام والإضرابات المتكررة التي تنفذها النقابات في المدارس الحكومية. ورغم تحسن سعر العملة المحلية، تواصل إدارات التعليم الأهلي فرض رسوم باهظة، رافضة حتى تسلّمها بالعملة المحلية وفق توجيهات الحكومة.

وتقول أم أحمد حسين، وهي ولية أمر لطالبة في الصف الخامس بمدينة المكلا، إنها فوجئت هذا العام بارتفاع الرسوم المدرسية إلى 320 ألف ريال (من دون الزي أو الكتب أو المواصلات)، بعدما كانت العام الماضي 230 ألف ريال شاملة للزي والكتب، وتُسدد على أربع دفعات. وتضيف بحسرة: "المدرسة اشترطت علينا دفع الرسوم على قسطين فقط، وإلا يتم فصل الطالب… الأمر بات يرهقنا فوق قدرتنا".

في مواجهة هذه الزيادات، أصدرت إدارة التربية والتعليم في حضرموت الساحل قبل أكثر من أسبوع توجيهات صريحة للمدارس بإعادة النظر في رسوم التسجيل، وخفضها بنسبة 30% تماشيًا مع تحسن أسعار الصرف. قرارات مماثلة اتخذتها السلطات في عدن وعدد من المحافظات الأخرى، لكن الاستجابة على الأرض بدت محدودة، إن لم تكن منعدمة. مصدر تربوي في المكلا قال لـ نيوزيمن إن ملاك المدارس عقدوا اجتماعات لبحث التوجيهات، "لكن لم يظهر أي تحرك جاد للتخفيض أو مراجعة الرسوم".

وفي عدن، لجأت السلطات المحلية إلى إجراءات أكثر صرامة، حيث أغلقت 6 مدارس أهلية في مديرية المنصورة لمخالفتها قرار خفض الرسوم بنسبة 30%. هذه الخطوة غير المسبوقة عكست تصاعد حدة المواجهة بين السلطات وملاك المدارس الخاصة، الذين عبّروا عن رفضهم عبر اتحاد ملاك المدارس الأهلية، معتبرين القرار "تعسفيًا وغير قابل للتنفيذ"، في ظل استمرار ارتفاع تكاليف التشغيل مثل الكهرباء والمياه والإيجارات.

الاتحاد أوضح في بيان له أن المدارس ملتزمة بدفع رواتب المعلمين والعاملين بانتظام، وأن أي تخفيض إضافي سيهدد استمرار العملية التعليمية وجودتها. وأكد أن الرسوم الحالية بالكاد تغطي التكاليف التشغيلية مع تصاعد أسعار المستلزمات والضرائب، ما يجعل خفضها – من وجهة نظرهم – غير واقعي.

على الجانب الآخر، يرى الصحفي فتحي بن لزرق أن الملف بات بحاجة إلى تدخل عاجل من وزارة التربية والتعليم ووزارة التعليم العالي، معتبرًا أن "المبالغة الكبيرة" في الرسوم لم تعد مقبولة، خصوصًا مع التراجع الملحوظ في أسعار الصرف. وأضاف أن أولياء الأمور يدفعون مبالغ طائلة دون مراجعة حقيقية للتسعيرة، مشددًا على ضرورة تحرك رسمي يلزم إدارات المدارس والجامعات الخاصة بمراعاة أوضاع الأسر اليمنية.

وبين شد وجذب، يبقى المواطن العادي هو الحلقة الأضعف، يرزح تحت وطأة الغلاء وغياب الرقابة الفاعلة. ومع دخول العام الدراسي الجديد، يبدو أن أزمة التعليم الأهلي مرشحة للتفاقم، ما لم تتدخل الحكومة بشكل حازم لإيجاد صيغة توازن بين حقوق المستثمرين في التعليم وحق الطلاب في الحصول على تعليم بتكاليف معقولة.