حزب الله يتحدى الدولة اللبنانية.. بقاء السلاح أو الحرب الأهلية

السياسية - منذ 5 ساعات و 34 دقيقة
بيروت، نيوزيمن:

يواصل "حزب الله" اللعب على حافة الانفجار الداخلي في لبنان، متمسكًا بسلاحه الذي تحوّل من شعار "المقاومة ضد إسرائيل" إلى أداة تهديد للداخل اللبناني ومؤسسات الدولة. 

ففي الوقت الذي تحاول فيه الحكومة اللبنانية فرض سيادتها عبر قرار تاريخي بحصر السلاح بيد الدولة، يصرّ الحزب عبر أمينه العام نعيم قاسم على رفض القرار، ملوّحًا بالحرب الأهلية، ومؤكدًا أن "سلاح إيران" باقٍ مهما كانت التبعات. ويكشف هذا الموقف صراعًا عميقًا بين مشروع الدولة ومشروع الميليشيا، فيما تزداد الضغوط الخارجية على بيروت للحد من هيمنة الحزب ووقف التدخل الإيراني في شؤونها.

في كلمة متلفزة الاثنين، جدد نعيم قاسم، الأمين العام لحزب الله، التأكيد على أن الحزب "لن يتخلى عن السلاح الذي يحميه من العدو الإسرائيلي"، على حد وصفه. وأضاف أن الحزب "متمسك بسلاحه طالما استمر الاحتلال الإسرائيلي لأراضٍ لبنانية"، رافضًا قرار مجلس الوزراء الأخير بحصر السلاح بيد الدولة.

وذهب قاسم أبعد من ذلك حين حذر من أن أي محاولة لنزع سلاح الحزب قد تجر البلاد إلى "حرب أهلية"، معتبرًا أن "الحكومة ارتكبت خطأً تاريخيًا بمحاولة تجريد المقاومة من السلاح تحت إشراف أمريكي".

تصريحات قاسم جاءت بعد بيان لمكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أعلن فيه استعداد إسرائيل لتقليص وجودها العسكري جنوب لبنان "في حال اتخذت بيروت خطوات عملية لنزع سلاح حزب الله". لكن قاسم رد على ذلك بقوله: "لا خطوة مقابل خطوة، عليهم تنفيذ الاتفاق أولاً، بعدها نناقش الاستراتيجية الدفاعية"، في إشارة إلى رفض أي مقايضة مباشرة بين انسحاب الجيش الإسرائيلي وسلاح الحزب.

وكان مجلس الوزراء اللبناني قد أقر في 5 أغسطس/آب قرارًا تاريخيًا بحصر السلاح بيد الدولة، بما فيه سلاح حزب الله، مكلفًا الجيش بوضع خطة للتنفيذ قبل نهاية 2025. وهو القرار الذي رفضه الحزب بشكل قاطع، معتبرًا أنه يهدد "المقاومة" ويخدم "الأجندة الإسرائيلية".

رئيس مجلس النواب نبيه بري، الحليف الاستراتيجي للحزب، دعا من جانبه إلى التعاون مع الجيش اللبناني في تنفيذ القرار، مؤكدًا لقيادة الحزب أن "الاعتراض في الشارع أو استخدام الضغط لن يغيّر من واقع القرار". كما شدد بري على دعم الحكومة في ملف التمديد لقوات "اليونيفيل" في الجنوب.

الخارجية اللبنانية وصفت قرار الحكومة بأنه "تاريخي ولا رجعة فيه"، على لسان وزيرها يوسف رجي، الذي شدد على أن "لبنان يستعيد اليوم موقعه الطبيعي في محيطه العربي والدولي". مشيرًا إلى أن خطة الجيش ستُعرض في أيلول/سبتمبر المقبل رغم احتمال طلب مهلة إضافية.

ويؤكد محللون أن تمسك الحزب بالسلاح لم يعد مسألة دفاع عن لبنان، بل ورقة إيرانية تستخدم للهيمنة على القرار الوطني، ما يضع البلاد أمام مفترق خطير بين خيار الدولة أو الدويلة.

يؤكد المحلل السياسي سامي نصر الدين: "رفض حزب الله الالتزام بقرار الحكومة لا يتعلق بالاحتلال الإسرائيلي كما يروج، بل يرتبط مباشرة بالوصاية الإيرانية. السلاح بالنسبة للحزب لم يعد أداة مقاومة بل أداة نفوذ داخلي لحماية مصالحه ومصالح طهران، وهذا يضع لبنان أمام خطر أن يصبح دولة رهينة لقرار خارجي." فيما الكاتبة السياسية لينا رزق كتبت: "تهديد نعيم قاسم بالحرب الأهلية هو اعتراف صريح بأن الحزب يرى نفسه فوق الدولة والقانون. استمرار هذه المعادلة يعني أن أي إصلاح سياسي أو اقتصادي سيظل مرهونًا برضا حزب الله، وبالتالي رضا إيران."

وأوضح الناشط الحقوقي اللبناني رائد عون: "الشعب اللبناني اليوم يواجه معادلة صعبة؛ إما دولة مؤسسات وجيش واحد، أو دويلات طائفية مسلحة. تمسك حزب الله بالسلاح تحت شعار المقاومة هو تهديد مباشر لمبدأ المواطنة والمساواة."

واعتبر الكاتب الكويتي أحمد المجر أن: "إصرار حزب الله على الاحتفاظ بسلاحه خارج إطار الدولة ينسف أي إمكانية لاستقرار لبنان. الحزب يقدم نفسه كذراع عسكرية لإيران أكثر مما يقدم نفسه كقوة سياسية لبنانية." فيما المحلل المصري عمرو عبد السلام قال: "ما يجري في لبنان هو نسخة متقدمة من النموذج اليمني والعراقي؛ حيث تتحول الميليشيا إلى دولة داخل الدولة. رفض حزب الله لقرار الحكومة يذكرنا برفض الحوثيين الالتزام بأي اتفاق لتسليم السلاح، وهو ما يهدد بانفجار داخلي مدمر."