من عدن إلى بيروت.. جهود حكومية لإنقاذ القطاع المصرفي من عبث أذرع إيران

السياسية - Wednesday 03 September 2025 الساعة 09:19 pm
عدن، نيوزيمن، خاص:

وجّه البنك المركزي اليمني بالعاصمة عدن تحذيرًا شديد اللهجة مما وصفها بـ"التداعيات الخطيرة لحملات التشويه والتحريض" التي طالته على خلفية الأحداث الأخيرة في أسواق الصرف.

وأصدرت إدارة البنك، الاثنين، بيانًا صحفيًا عقب الانتقادات الحادة التي وُجّهت لها على خلفية التقلبات الحادة التي شهدتها أسعار صرف العملات الأجنبية بالمناطق المحررة يومي الجمعة والسبت الماضيين، حيث وُجّهت اتهامات للبنك بالتباطؤ في التدخل لضبط الأمر.

وردًا على ذلك، حذّرت إدارة البنك المركزي في بيانها من أن "حملات التشويه والتحريض" تهدد بشكل مباشر الاستقرار النقدي والاقتصادي، مؤكدة أن محاولات الانتقاص من صلاحيات البنك واستقلاليته تمثل تهديدًا مباشرًا للقطاع المصرفي باعتباره عصب الحياة الاقتصادية.

تحذيرات إدارة البنك تُشير إلى التهديدات التي تحيط بالقطاع المصرفي في اليمن بعد المتغيرات الدولية خلال الفترة الماضية تجاه الملف اليمني، وعلى رأسها التصنيف الأمريكي لمليشيا الحوثي، أحد أذرع إيران في المنطقة، كمنظمة إرهابية أجنبية.

تصنيفٌ تبعته سلسلة عقوبات أصدرتها الخزانة الأمريكية بهدف التضييق المالي على مصادر تمويل المليشيا، طالت اثنين من البنوك التجارية في اليمن بتهمة تقديم تسهيلات مالية للمليشيا الحوثية، في حين باتت جميع البنوك والمؤسسات العاملة في القطاع المصرفي في اليمن تحت مجهر الرقابة الأمريكية.

وفي هذا السياق، كشفت مصادر إعلامية عن لقاءات جمعت رئيس الوزراء سالم بن بريك في العاصمة الأردنية عمّان، الشهر الماضي، مع مسؤولين أميركيين ووفد من وزارة الخزانة الأمريكية، ناقش التزام المؤسسات والشركات والبنوك التجارية العاملة في اليمن بالإجراءات والعقوبات الأميركية.

وقالت المصادر إن وزارة الخزانة الأميركية لديها قائمة من الملاحظات حول عدد من مؤسسات تجارية وبنوك، بعضها تمارس نشاطها بالمناطق المحررة، تدور حولها شكوك بتقديمها تسهيلات مالية للمليشيا الحوثية، وإن الوزارة قد تصدر بحقها عقوبات مستقبلًا إذا لم توضّح طبيعة علاقاتها بالمليشيا.

ويؤكد خبراء ومتابعون للشأن الاقتصادي أن التوجه الأمريكي لخنق مصادر تمويل ودعم المليشيا الحوثية الموالية لإيران مثّل الدافع الأهم لعودة نشاط البنك المركزي اليمني في عدن وبقوة خلال الفترة الماضية، وأجبر أكبر البنوك التجارية على الامتثال لأوامره خوفًا من العقوبات الأمريكية.

مشيرين إلى أن التوجه الأمريكي، ومن خلفه الغرب والمجتمع الدولي، يسعى إلى تقوية الحكومة اليمنية والبنك المركزي في عدن لفرض سلطتها ورقابتها على القطاع المصرفي كاملًا، محذّرين من أن أي فشل في هذا الملف يُهدد مستقبل القطاع بأكمله ويهدد بعزل اليمنيين عن القطاع المالي العالمي.

وهو تحذير سبق أن وجّهه البنك المركزي بالعاصمة عدن أكثر من مرة، حيث أشار البنك، أواخر مارس الماضي، إلى وجود تحديات كبيرة تواجه البنوك اليمنية في الحفاظ على علاقاتها مع البنوك المراسلة في الخارج، نتيجة المخاطر المرتبطة بالإجراءات الإرهابية للمليشيات الحوثية.

اللافت في هذا السياق، أن التحذيرات التي يطلقها البنك المركزي من عدن بشأن خطورة تأثير ذراع إيران في اليمن، المتمثل بجماعة الحوثي، على القطاع المصرفي، كانت ذاتها التي أطلقها أمس الثلاثاء، من بيروت، مصرف لبنان (البنك المركزي)، من الذراع الآخر لإيران والمتمثل بحزب الله.

حيث أصدر مصرف لبنان تعميمًا بمنع إدخال أي أموال إلى القطاع المصرفي من جهات أو منظمات لبنانية خاضعة لعقوبات دولية، لاسيما العقوبات الأمريكية، ولا سيما العقوبات الصادرة عن مكتب مراقبة الأصول الأجنبية الأميركي.

محذّرًا من أن السماح بدخول هذه الأموال من شأنه أن يعرّض علاقات المصارف اللبنانية المراسلة في الخارج للخطر، خصوصًا مع المصارف الأميركية التي تتولى عمليات التحويل بالدولار الأميركي.

ويشير حديث مصرف لبنان إلى محاولته تأكيد تحييد القطاع المالي في لبنان عن الأنشطة المالية التي تقوم بها هيئات وجمعيات مالية تابعة لحزب الله، وعلى رأسها ما تُسمى بـ"جمعية القرض الحسن"، حيث سبق للمصرف أن وجّه تعميمًا إلى المصارف والمؤسسات المالية اللبنانية بعدم التعامل مع هذه الكيانات.