بيع النقوش اليمنية في المزادات العالمية.. تجارة سوداء وسط صمت رسمي
السياسية - منذ ساعتان و دقيقة
عدن، نيوزيمن:
كشف الباحث اليمني المتخصص في شؤون الآثار عبدالله محسن عن قضية جديدة تتعلق بتهريب وبيع قطع أثرية يمنية نادرة في مزادات فنية عالمية، كان آخرها لوح برونزي أثري من نقوش الاعتراف بالخطايا، تعود إلى عصور اليمن القديم، مقدم للإله السبئي المعروف بـ"ذو سماوي"، رب السموات والأرض.
وفي منشور مطول على صفحته في "فيسبوك"، أوضح محسن أن اللوح الذي نُقش عليه نص بخط المسند اليمني القديم، يعترف فيه شخص يُدعى "قلاف بنت مالت" بخطيئتها وتكفيرها عنها، هو واحد من ثلاث نسخ متطابقة تم العثور عليها في مزادات دولية مختلفة خلال السنوات الماضية، الأمر الذي يثير الشكوك حول أصلها ومصير النسخة الأصلية من النقش.
ووفقاً للباحث، فإن النقش الذي درسه البروفسور إبراهيم الصلوي في عام 2005، كان قد عُثر عليه في محافظة الجوف لدى أحد الأهالي، وتم توثيقه نصًّا دون صورة. غير أن هيئة الآثار في صنعاء كانت قد نشرت في أبريل الماضي صورة لأحد الألواح البرونزية المعالجة رقمياً، مشيرة إلى أنه "نقش الصلوي 3"، وأنه معروض في أحد المزادات حينها، لكن المزاد ذاته عرض صوراً مختلفة ووصفاً مغايراً.
وأضاف محسن أن هذا التضارب، إلى جانب اكتشاف ثلاث نسخ من اللوح ذاته بنفس الأسطر السبعة والنص الكامل، "يضع وزارة الثقافة وهيئة الآثار والمتاحف أمام اختبار جدي في استرجاع القطع المنهوبة، لاسيما أنها خرجت من اليمن بعد العام 2005م"، محملاً الجهات الرسمية مسؤولية التقصير في حماية التراث الوطني.
وأشار الباحث إلى أن النسخة الأولى من اللوح عرضت في مزاد أرتميس للفنون الجميلة في الولايات المتحدة بتاريخ 11 مايو 2018م، وكانت ضمن مجموعة خاصة في ولاية تكساس، وقد وُصفت خطأً بأنها "شهادة عسكرية رومانية بلغة آرامية"، نتيجة اعتماد المزاد على خبير غير مختص بالنقوش اليمنية القديمة.
أما النسخة الثانية، فهي الأقدم من حيث النشر، إذ ظهرت في صادق جاليري للفنون القديمة في نيويورك عام 2012، وحملت الوصف ذاته بأنها شهادة رومانية برونزية، قبل أن يتبين لاحقاً أن مالك الجاليري اعترف ببيع آلاف القطع المزيفة لعملاء على مدى عقود، بحسب تقرير لصحيفة نيويورك تايمز الصادر في 16 نوفمبر 2021م.
وتطرق محسن إلى النسخة الثالثة التي من المقرر عرضها في مزاد ليون وترنبول في العاصمة الأسكتلندية إدنبرة يوم 25 نوفمبر الجاري، موضحاً أنها تختلف قليلاً في الحجم والمظهر، إذ لا تبدو عليها آثار التآكل، كما أن صورتها المعروضة بالمزاد كانت مقلوبة، ووُصفت بأنها لوحة برونزية نذرية من سبأ تعود إلى القرنين الأول والثالث الميلاديين.
وأكد الباحث أن هذه الحالة تكشف عن نمط متكرر لتهريب الآثار اليمنية وبيعها تحت أوصاف مضللة في مزادات عالمية، في ظل غياب أي تحرك رسمي من الجهات المختصة في اليمن أو عبر المنظمات الدولية المعنية بحماية التراث الثقافي.
وختم محسن منشوره بالقول إن "حكاية هذا النقش الذي تابت صاحبته عن خطيئتها، لم تتب معها وزارة الثقافة عن تقاعسها في أداء دورها"، داعياً إلى تحرك عاجل من الجهات الرسمية والمنظمات الدولية لإيقاف بيع الآثار اليمنية واستعادتها قبل أن تضيع للأبد.
>
